والإجماع لا يصير الباطل حقا بل غاية تأثيره أن يصير المظنون حقا قلت وفيه نظر فقد يقال يتبين بحصول الإجماع بعد ذلك أن القول في الأصل كان حقا هذا إذا وقع قولهم مترتبا لو إن وقع دفعة واحدة فلم يقع إلا حقا.
ثم إن القائل بغير اجتهاد قبل حصول الإجماع على قوله لا يقول إنه مخطئ فيما قاله ولا مصيب بل مخطيء في كونه قال بدون اجتهاد وهذا الخطأ لا يزول بإجماعهم بعد ذلك على قوله.
وأما المقول فيحتمل أنه خطأ فيه ويحتمل أنه أصاب وهذا التردد يزول بالإجماع بعد ذلك على قوله ويعلم أنه كان مصيبا.
فإن قلت: إذا كان كل فرد منهم أخطأ في كونه قال فيلزم خطأ المجموع في كونهم قالوا وهو محظور قلت القائل الأخير منهم الذي بقوله يحصل الاتفاق ويتكل الإجماع ليس مخطئا في كونه قال وهذا إذا وقع مترتبا فإن وقع دفعة واحدة فلا نسلم خطأهم في كونهم قالوا بل نقول إنما يخطئ من أقدم على القول وحده بغير مستند.
أما إذا حصل اتفاق من الأمة على القول فلا واحتج من قال يجوز أن يوفقوا الاختيار الصواب بأمرين:
أحدهما: أنه لو لم ينعقد الإجماع إلا عن مستند لكان ذلك المستند هو الحجة وحينئذ فلا يبقى في الإجماع فائدة وأجاب المصنف بأن الإجماع وأصله يكونان دليلين واجتماع دليلين على مدلول واحد جائز حسن.
والثاني: أنه وقع بدليل إجماعهم على بيع المراضاة بلا دليل وأجاب بأن له دليلا لكن ترك ذكره لما وقع الإجماع عليه اكتفاء بالإجماع.
قلت: وقد الآمدي في أثناء المسألة أن الخلاف ليس في وقوعه وتقدم نقل هذا عنه فاحتجاج الخصم ضعيف لذلك أيضا وأيضا فإن أريد ببيع المراضاة المعاطاة التي يذكرها الفقهاء فالمذهب الصحيح أنها باطلة فأين الإجماع وإن كان كما ذكره الشراح أنه إذا تحقق التراضي من الجانبين فالإجماع منعقد على صحة هذا البيع لكن اختلفوا في الدليل على التراضي.