أنه لم يقل علة حرمة الخمر بل علة الحرمة وهو واحد فإن المقصود حرمة الخمر إذ ليس الإسكار علة لكل حرمة وهذا واضح ولم يصرح الإمام وسراج الدين بأن ذلك بالنص ولكن بطريق العلم بالعلة وهو الاستدلال بالنص وإياه أراد المصنف رحمه الله وعبارة الآمدي نحو عبارة المصنف فإنه قال يكون التحريم ثابتا في كل الصور بجهة العموم ولقائل أن يقول لا نسلم أن ذلك ليس بقياس وقولكم لم يتميز الأصل عن الفرع مندفع فإنه إذا قال علة حرمة الخمر الإسكار فالحرمة في الخمر أصل وحصل العلم بها حال ورود النص ثم بعد ذلك يحصل العلم بحرمة كل مسكر وكل ما كان غير الخمر يكون فرعا والعلم بحرمته متأخر عن العلم بحرمة الخمر وربما لا يعلم كون الشيء مسكرا إلا بعد حين فلا يعلم حرمته فإذا جرت ووجد مسكرا علم تحريمه فكيف لا يكون العلم به متأخرا فإن قلت نحن ندعي عدم تأخر العلم بحرمة كل مسكر حكما كليا لا العلم بواحد واحد من الجزئيات المندرجة فإنها داخلة في الحكم المعلوم فالعلم بحرمة الجزئيات المخصوصة لا يستفاد من الأصل الذي هو الخمر بل من المقدمة الكلية التي هي العلم بتحريم كل مسكر والعلم بهذه المقدمة لا يتأخر قلت لا نسلم أن العلم بها غير متأخر لأنا نعلم أولا حرمة الخمر ثم كون الإسكار علة بتنصيص الشارع ثم نحكم بتحريم كل مسكر حكما مترتبا على هذا العلم بالعلية والحكم في كل قياس كذلك فإن المجتهد يعلم حكم الأصل ثم يستنبط العلة ثم يحكم بمقدمة كلية شاملة لجميع صور تلك العلة هذا شرح ما في الكتاب وأما الدليل على أن التنصيص على العلة لا يفيد الحكم في جميع الصور باللفظ خلاف ما نقله الغزالي والآمدي عن النظام فإنا نعلم بالضرورة من اللغة أن قوله حرمت الخمر لإسكارها لا يدل على تحريم كل مسكر لدلالة قوله حرمت كل مسكر وأنه غير موضوع لذلك بل هو موضوع لتحريم الخمر لعلة إسكاره وحرمة ما عدا الخمر من المسكرات ليس جزءا من المفهوم ضرورة فيجب أن لا يكون دلالته على تحريم كل مسكر لفظية لأن الدلالة منحصرة في هذين النوعين عند قوم وفي دلالة المطابقة عند آخرين ولهذا لو قال الرجل أعتقت غانما لسواده لم يعتق من عداه من عبيده السود ولو قام ذلك مقام عتقت عبيدي السود لعتقوا عليه من