للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فرع" قال الجبائي والكرخي ومن تبعهما لا يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس وبنوا عليه أنه لا يجوز الصلاة بإيماء الحاجب بالقياس والحق خلافه

"البحث الثاني" أنه يجري في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات خلافا لأبي حنيفة لنا أن أدلة القياس دالة على جريانه في الأحكام الشرعية مطلقا من غير فصل بين باب وباب ويخص المسألة ما روى الصحابة اجتهدوا في حد شارب الخمر فقال علي أراه ثمانين لأنه إذا شرب سكر وإذا هذى افترى وحد المفتري ثمانون وهذا قياس في الحدود ثم لم ينكر عليه فكان إجماعا فإن قلت إن أردتم أن أدلة القياس تدل على جريانه في الأحكام الشرعية مطلقا سواء أوجدت الأركان والشرائط أم لم توجد فهو ممنوع ظاهر الفساد وإن قلتم إن دلالتها عليه إنما هي عند حصول الشرائط فسلم لكن لا نسلم إمكان حصولها فيما نحن فيه سلمناه لكن لا نسلم حصولها فيما نحن فيه لأن الحدود والكفارات والتقدير أمور مقدرة لا يهتدي العقل إلى تعقل المعنى الموجب لتقديرها فلا نعقل فيها العلة والقياس فرع تعقل العلة وأما الرخص فهي منح من الله تعالى فلا يتعدى بها عن مواردها والجواب أنا نريد جريان القياس فيها عند حصول الأركان والشرائط قوله لا نسلم إمكان حصولها فيما نحن فيه قلنا الدليل عليه أن صريح العقل حاكم بأنه لا امتناع في أن شرع الشارع الحد أو الكفارة في صورة لأمر مناسب ثم إنه يوجد ذلك المناسب في صورة أخرى فليس وضع الحد والكفارة منافيا لهذا المعنى حتى يمتنع لأجله قوله سلمنا الإمكان لكن لا نسلم حصوله قلنا حينئذ ارتفع النزاع الأصولي ويكون الامتناع إنما هو بعدم حصول الشرائط والأركان ونحن لا نجوز القياس في شيء بدون حصول شرائطه وأركانه فأما ادعاؤكم بعد ذلك عدم حصوله فيها فذلك إنما يثبت بعد البحث والاستقراء عن كل واحدة من مسائلها فإن وجدت العلة صح القياس فيها وإلا فلا كغيرها من المسائل فلا فرق حينئذ بين مسائل هذا الباب وغيره من هذا الوجه فيجب التسوية في جريان القياس قوله الرخص منح من الله تعالى قلنا قال إمام الحرمين هذا هذيان فإن كلما تتقلب فيه العباد من المنافع فهي

<<  <  ج: ص:  >  >>