أن يثبت للنبيذ من الأحكام ما ثبت للخمر والجواب أن إفادة الدوران العلة إنما هو بمعنى الإمارة والعلامة لا بمعنى الداعي إذ لا مناسبة بين الاسم والمسمى وحينئذ لا يخلو الدوران عن المزاحم لأنه كما دار مع ما ذكرتم من الوصف فكذا مع خصوصية إسكار المعتصر من العنب والدوران لا يفيد الظن مع معارضة المزاحم فإن قلت لو كان لا يقعد معارضة مثل هذا الواجب أن لا يفيد في الشرعيات أيضا لعدم خلوه عنه قلت القاطع دل على جواز القياس في الشرعيات فعلمنا بذلك أن تلك الخصوصيات لا مدخل لها في إثبات تلك الأحكام ولا قاطع في اللغات يدل على جريان القياس فيها ولأن سلمنا أنه يظن العلية فما يجعله العبد علة لا يفيد الحكم أينما وجد كقول القائل أعتقت غانما لسواده لا يطرد في عبيده السود فلعل الواضع هو العبد وقول الإمام هنا بينا أن اللغات توقيفية مدخول باختياره التوقف واحتجوا أيضا بعموم قوله فاعتبروا وأجاب صفي الدين الهندي بأنه يقتضي وجوب القياس في اللغات ولا قائل به إنما الاختلاف في الجواز وفيه نظر لأنه إذا ثبت الجواز وجاء تحريم الخمر مثلا لزم من يقول بالقياس في اللغة أن النبيذ داخل تحت هذا المسمى فيجب عليه أن يعممها بالحكم الواحد الوارد على لفظ الخمر وبذلك صرح الإمام بقوله يلزم أن يثبت للنبيذ من الأحكام ما يثبت للخمر
قال "دون الأسباب والعادات كأقل الحيض وأكثره"
البحث الخامس القياس في الأسباب وفيه مذهبان أحدهما وهو الذي زعم الإمام أنه المشهور وجزم به صاحب الكتاب واختاره الآمدي وابن الحاجب أنه لا يجري القياس فيها والثاني وبه قال أكثر الشافعية جريانه فيها مثاله قياس اللواط على الزنا في إيجاب الحد بجامع كونه إيلاج فرج في فرج محرم شرعا مشتهى طبعا فجعل اللواط سببا وإن كان لا يسمى زنا واحتج الأولون بأن قياس الشيء على الشيء يقتضي أن يكون بينهما وصف مشترك وهو العلة فلو قسنا اللوط مثلا على الزنا فلا بد بينهما من وصف مشترك هو علة الموجبية والسببية وحينئذ يكون السبب ذلك المشترك لا ذلك الزنا على سبيل الخصوصية فلا يكون كل واحد من الزنا واللوط موجبا وسببا لأن الحكم