للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن بمعرفته بأخلاقه وما يناسبها من تلك القضية فإذا وصل الشخص إلى هذه الرتبة وحصل على الأشياء الثلاثة فقد حاز رتبة الكاملين في الاجتهاد ولا يشترط العلم بأحوال الرواة من حيث هو فإن الصحابة كانوا مجتهدين ولم يحتاجوا إلى ذلك وإنما الذين بعدهم يحتاجون إلى ذلك في إيقاع الاجتهاد لا في حصول الصفة لهم وذاك العلم بمواقع الإجماع والاختلاف وكان محل الكلام على هذا في أواخر الكتاب ولكنا تعجلناه هنا١.

ومن المعلوم أن الصحابة كانوا أكمل الناس في هذه الأشياء الثلاثة أما الأول فبطباعهم وأما الثاني والثالث فلمشاهدتهم الوحي ومعرفتهم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم.

ولما كان الفقه مستندا إلى الكتاب والسنة ويحتاج الفقيه في أخذه منهما إلى قواعد جمعت تلك القواعد في علم وسميته "أصول الفقه" وهي تسمية صحيحة مطابقة لتوقف الفقه عليها وتلك القواعد منها ما لا يعرف إلا من الشرع ومنها ما يعرف من اللغة بزيادة على ما تصدى له النحاة واللغويون فالذي لا يعرف إلا من الشرع إثبات كون الخبر الواحد حجة وكون الإجماع حجة والقياس حجة وكثير من المسائل التي تذكر فيه والذي يعرف من اللغة ما يذكر فيه من دلالات الألفاظ اللغوية وما فيه من علم الكلام ونحوه فاقتضاه انجرار الكلام إليه وتوقف فهم بعض مسائل هذا العلم عليه.

وهأنا أبتدئ في شرح هذا الكتاب مستعينا بالله تعالى وذلك في يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وإلى الله أتضرع وأنا أسأل أن ينفع به بمنه وكرمه إنه قريب مجيب.


١ ما ذكره الشارح هنا هو نبذة سريعة ومجملة عن شروط المجتهد، ولكن البيضاوي عقد للاجتهاد باباً خاصاً في الكتاب السابع من كتاب "المنهاج" ذكر فيه اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم –وموقف العلماء منه، وكذا الصحابة رضي الله عنهم- في حضرته – صلى الله عليه وسلم- أو في غيبته، وشروط الاجتهاد، وحكمه، والأمور التي يجري فيها الاجتهاد وغير ذلك. فليراجع تفصيل ما أجمله الشارح في أواخر الكتاب. وبالله التوفيق.
اهـ. محققه.

<<  <  ج: ص:  >  >>