للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك ليس للعلية إذا الولادة والبناء ليس لغرض الموت والخراب وجوابه أن اللام في هذه الأماكن مستعملة على جهة التجوز للعاقبة فإن عاقبة كثير من المخلوقات جهنم وعاقبة الولادة الموت والبناء للخراب والعلاقة بين العلة والعاقبة أن عاقبة الشيء مترتبة عليه في الحصول كترتب العلة الغائبة على معلولها واستعمالها على جهة المجاز لا ينفي كونها ظاهرة في التعليل الذي هو حقيقتها فإن قلت استعمالها في غير التعليل لا ينفي كونها ظاهرة فيه لو ثبت كونها حقيقة له لكن لم يثبت بعد فإنكم إنما استدللتم عليه بالاستعمال وعارضناه بمثله فليس الاستدلال بذلك الاستعمال على حقيتها في التعليل أولى من العكس

قلت الاستدلال بما ذكرناه من الاستعمال أولى لموافقته قول أهل اللغة أنها للتعليل ولكونه أسبق إلى الفهم وأما إن فكقوله عليه الصلاة والسلام في المحرم الذي وقصته ناقته "ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا" أخرجاه في الصحيحين وفي هذا الحديث جهتان يدلان على التعليل أن كما تقرر وترتيب الحكم على الوصف كما سيأتي في كلام المصنف إن شاء الله تعالى وأما الباء ففي قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ١}

فإن قلت أصل الباء للإلصاق فلم قلتم بأنها ظاهرة في التعليل قلت قال الإمام ذات العلة لما اقتضت وجود المعلول حصل معنى الإلصاق هنا فحسن استعماله فيه مجازا لكن قال صفي الدين الهندي هذا مخالف لما ذكره غيره ولما أشعر به كلامه أيضا إذ صرح بأن دلالة اللام وأن والباء على التعليل ظاهرة من غير تفرقة بينها ثم إنه صرح بأن دلالة اللام حقيقة فأشعر بالتسوية في الدلالة ولأن دلالة المجاز لا تكون ظاهرة إلا بطريق علية الاستعمال أو القرينة فكان يجب عليه أن يقيد ظهور دلالته بغلبة الاستعمال لا في أصل الوضع

قال "الثاني الإيماء وهو خمسة أنواع"


١ سورة آل عمران آية "١٥٩"

<<  <  ج: ص:  >  >>