العلة منصوصة أم مستنبطة فإن لم يكن مانع قدح مطلقا وإلى المذهبين الأخيرين أشار بقوله وقيل في المنصوصة وقيل حيث مانع وتقديره وقيل لا يقدح في المنصوصة وقيل لا يقدح حيث مانع ولم يصرح بالنفي لأنه معطوف على منفي وحكى القاضي أبو بكر في التلخيص الذي اختصره إمام الحرمين من كتابه التقريب والإرشاد مذهبا خامسا عن بعض المعتزلة أنه يجوز تخصيص علة الحل والوجوب ونحوهما مما لا يكون خطرا قال وحملهم على ذلك قولهم لا تصح التوبة عن قبيح مع الإصرار على قبيح ويصح الإقدام على عبادة مع ترك أخرى وحكى ابن الحاجب مذهبا سادسا أنه لا يقدح في المستنبطة ويقدح في المنصوصة عكس الثالث واختار مذهبا سابعا وهو أنه يجوز في المستنبطة في صورتين فلا يقدح فيهما وهما ما إذا كان التخلف لمانع أو انتفاء شرط ولا يجوز في صورة واحدة ويقدح فيها وهي ما إذا كان التخلف دونهما وأما المنصوصة فإذا كان النص ظنيا وقدر مانع أو فوات شرط جاز ولا يجوز في القطعي في صوره الثلاث أي لا يمكن وقوعه لأن الحكم لو تخلف لتخلف الدليل وهو لا يمكن أن يكون قطعيا لاستحالة تعارض القطعيين إلا أن يكون أحدهما ناسخا ولا ظنيا لأن الظني لا يعارض القطعي وهذا الذي اختاره ابن الحاجب نحو ما اختاره الآمدي والمنع في النص القطعي إذا لم يكن مانع ولا فوات شرط ظاهر
وأما إذا كان مانع أو فات شرط فلا وجه للمنع إذا كان ذلك المانع أو الشرط عليه دليل لأنه حينئذ يكون ذلك الدليل مخصصا للنص القطعي اللهم إلا أن تقدر دلالة النص على جميع الأفراد قطعية فيصح ما قاله لأنه حينئذ لا يمكن التخلف وحاصله أنه في النص القطعي لا يمكن ورود النقض وفي الظني يمكن وقال إنه يقدر مانع ولا حاجة إلى ذلك فقد يكون تعبديا بالدليل الدال على التخصيص من غير ظهور معني فيمكن النقض ولا يكون قادحا وفي المستنبطة يجوز حيث مانع أو فقدان شرط ولا يجوز فيما سواهما ففيما سواهما يكون قادحا ولا يكون النقض قادحا في شيء من المواضع إلا في هذا المكان وهو إذا استنبطت علة وتخلف الحكم عنها إلا لمانع أو لفوات شرط فيستدل حينئذ بالتخلف على فسادها فينبغي أن يختصر الكلام