وهذا وإن كان خلاف الظاهر وتأويلا للنص لكي يتعين المصير إليه رعاية لعدم انتقاض الكلام وإن ورد على العلة المظنونة وانقدح جواب عن محل النقض من طريق الإحالة إن كانت العلة محيلة أو من طريق الشبه إن كان تشبيها فهذا يبين أن ما ذكر لم يكن تمام العلة وانعطف قيد على العلة من مسألة النقض به يندفع النقض أما إذا كانت العلة محيلة ولم ينقدح جواب مناسب وأمكن كون النقض دليلا على فساد العلة وكونه معرفا اختصاص العلة بمجراها بوصف من قبيل الأوصاف الشبيهة بفصلها عن غير مجراها فهذا الاحتراز عنه مهم في الجدل للمناظر لكن المجتهد الناظر ماذا عليه أن يعتقده في هذه العلة الانتقاض والفساد أو التخصص هذا عندي في محل الاجتهاد ويتبع كل مجتهد وغلب على ظنه
ومثاله قولنا إن صوم رمضان يفتقر إلى تبييت النية لأن النية لا تنعطف على ما مضى وصوم جميع النهار واجب وأنه لا يتجزأ فينتقض هذا بالتطوع فإنه لا يصح إلا بنية ولا يتجزأ على المذهب الصحيح ولا مبالاة بمذهب من يقول إنه صائم بعض النهار فيحتمل أن ينقدح عند المجتهد فساد هذه العلة يسبب التطوع ويحتمل أن ينقدح له أن التطوع ورد مستثنى رخصة لتكثير النوافل فإن الشرع قد يسامح في النقل بما لا يسامح به في الفرض فالمحيل الذي ذكرناه يستعمل في الفرض ويكون وصف الفرضية فاصلا بين مجرى العلة موقعها ويكون ذلك وصفا شبهيا اعتبر في استعمال المحيل وتمييز مجراه عن موقفه ومن أنكر قياس الشبه جوز الاحتراز عن النقض بمثل هذا الوصف الشبهي فأكثر العلل المحيلة خصص الشرع اعتبارها بمواضع لا ينقدح في تعيين المحل معنى مناسب على مذاق أصل العلة وهذا التردد وإنما ينقدح في معنى مؤثر لا يحتاج إلى شهادة الأصل فإن مقدمات هذا القياس مؤثرة بالاتفاق من قولنا إن كل الصوم واجب وأن النية عزم لا ينعطف على الماضي وأن الصوم لا يصح إلا بنية فإن كانت العلة مناسبة بحيث يفتقر إلى أصل يستشهد به فإنما يشهد لصحتها ثبوت الحكم في موضع واحد على وفقها فتنقض هذه الشهادة