النَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ: الطَّرْدُ وَالْعَكْسُ
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُوَ أَنْ يُؤْتَى بِكَلَامَيْنِ يُقَرِّرُ الْأَوَّلَ بِمَنْطُوقِهِ مَفْهُومَ الثاني وبالعكس كقوله: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} فَمَنْطُوقُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِئْذَانِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ خَاصَّةً مُقَرِّرٌ لِمَفْهُومِ رَفْعِ الْجَنَاحِ فِيمَا عَدَاهَا وَبِالْعَكْسِ وَكَذَا قَوْلُهُ: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} قُلْتُ وَهَذَا النَّوْعُ يُقَابِلُهُ فِي الْإِيجَازِ نَوْعُ الِاحْتِبَاكِ.
النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ التَّكْمِيلُ
وَيُسَمَّى بِالِاحْتِرَاسِ وَهُوَ أَنْ يُؤْتَى فِي كَلَامٍ يُوهِمُ خِلَافَ الْمَقْصُودِ بِمَا يَدْفَعُ ذَلِكَ الْوَهْمَ نَحْوُ: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} فَإِنَّهُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَذِلَّةٍ لَتُوِهِّمَ أَنَّهُ لِضَعْفِهِمْ فَدَفَعَهُ بِقَوْلِهِ: "أَعِزَّةٍ" وَمِثْلُهُ: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى"أَشِدَّاءَ" لَتُوِهِّمَ أَنَّهُ لِغِلَظِهِمْ {تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} احْتِرَاسٌ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ نِسْبَةُ الظُّلْمِ إِلَى سُلَيْمَانَ، وَمِثْلُهُ: {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} وَكَذَا {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute