للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ: فِي أَفْضَلِ القرآن وفاضله

اخْتَلَفَ النَّاسُ: هَلْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ شَيْءٍ؟ فَذَهَبَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ إِلَى الْمَنْعِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ كَلَامُ اللَّهِ وَلِئَلَّا يُوهِمَ التَّفْضِيلُ نَقَصَ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ وَرَوَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى تَفْضِيلُ بَعْضِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ خَطَأٌ وَلِذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ تُعَادَ سُورَةٌ أَوْ تُرَدَّدَ دُونَ غَيْرِهَا

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعْطِي لِقَارِئِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنَ الثَّوَابِ مثل ما يعطي القارئ أُمِّ الْقُرْآنِ إِذِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِفَضْلِهِ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ وَأَعْطَاهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى غَيْرَهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ قَالَ: وَقَوْلُهُ: "أَعْظَمُ سُورَةٍ" أَرَادَ بِهِ الْأَجْرِ لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى التَّفْضِيلِ لِظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ مِنْهُمْ: إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْغَزَالِيُّ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إنه الحق وَنَقَلَهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ:

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي جَوَاهِرِ الْقُرْآنِ لَعَلَّكَ أَنْ تَقُولَ: قَدْ أَشَرْتَ إِلَى تَفْضِيلِ بَعْضِ آيَاتِ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ وَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ فَكَيْفَ يُفَارِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا؟ وَكَيْفَ يَكُونُ بَعْضُهَا أَشْرَفَ مِنْ بَعْضٍ فَاعْلَمْ أَنَّ نُورَ الْبَصِيرَةِ إِنْ كَانَ لَا يُرْشِدُكَ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الْمُدَايَنَاتِ وَبَيْنَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَسُورَةِ تَبَّتْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>