النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ: فِي جَدَلِ الْقُرْآنِ
أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ نَجْمُ الدِّينِ الطُّوفِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: قَدِ اشْتَمَلَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ وَمَا مِنْ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ وَتَقْسِيمٍ وَتَحْذِيرٍ يُبْنَى مِنْ كُلِّيَّاتِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ إِلَّا وَكِتَابُ اللَّهِ قَدْ نَطَقَ بِهِ لَكِنْ أَوْرَدَهُ على عادة الْعَرَبِ دُونَ دَقَائِقِ طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ لأمرين:
أحدهما: بِسَبَبِ مَا قَالَهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}
والثاني: أن المائل إلى طريق الْمُحَاجَّةِ هُوَ الْعَاجِزُ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِالْجَلِيلِ مِنَ الْكَلَامِ فَإِنَّ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَفْهَمَ بِالْأَوْضَحِ الَّذِي يَفْهَمَهُ الْأَكْثَرُونَ لَمْ يَنْحَطَّ إِلَى الْأَغْمَضِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْأَقَلُّونَ وَلَمْ يَكُنْ مُلْغِزًا فَأَخْرَجَ تَعَالَى مُخَاطَبَاتِهِ فِي مُحَاجَّةِ خَلْقِهِ فِي أَجْلَى صُورَةٍ لِيَفْهَمَ الْعَامَّةُ مِنْ جليلها مَا يُقْنِعُهُمْ وَتَلْزَمُهُمُ الْحُجَّةُ وَتَفْهَمَ الْخَوَاصُّ مِنْ أَثْنَائِهَا مَا يُرَبَّى عَلَى مَا أَدْرَكَهُ فَهُمْ الْخُطَبَاءِ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ: زَعَمَ الْجَاحِظُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْكَلَامِيَّ لَا يُوجَدُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ مَشْحُونٌ بِهِ وَتَعْرِيفُهُ أَنَّهُ احْتِجَاجُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى مَا يُرِيدُ إِثْبَاتَهُ بِحُجَّةٍ تَقْطَعُ الْمُعَانِدَ لَهُ فِيهِ عَلَى طَرِيقَةِ أَرْبَابِ الْكَلَامِ وَمِنْهُ نَوْعٌ مَنْطِقِيٌّ تُسْتَنْتَجُ مِنْهُ النَّتَائِجُ الصَّحِيحَةَ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ الصَّادِقَةِ فَإِنَّ الْإِسْلَامِيِّينَ مِنْ أَهْلِ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute