للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ: فِي مَعْرِفَةِ شُرُوطِ الْمُفَسِّرِ وآدابه

قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَنْ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، طَلَبَهُ أَوَّلًا مِنَ الْقُرْآنِ فَمَا أُجْمِلَ مِنْهُ فِي مَكَانٍ فَقَدْ فُسِّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمَا اخْتُصِرَ فِي مَكَانٍ فَقَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ وَقَدْ أَلَّفَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ كِتَابًا فِيمَا أُجْمِلَ فِي الْقُرْآنِ فِي مَوْضِعٍ وَفُسِّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ وَأَشَرْتُ إِلَى أَمْثِلَةٍ مِنْهُ فِي نَوْعِ الْمُجْمَلِ فَإِنْ أَعْيَاهُ ذَلِكَ طَلَبَهُ مِنَ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا شَارِحَةٌ لِلْقُرْآنِ وَمُوَضَّحَةٌ لَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} فِي آيَاتٍ أُخَرَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَّا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ"، يَعْنِي السنة، فإن لم يجده في السُّنَّةِ رَجَعَ إِلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ أَدْرَى بِذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوهُ مِنَ الْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ عِنْدَ نُزُولِهِ وَلِمَا اخْتَصُّوا بِهِ مِنَ الْفَهْمِ التَّامِّ وَالْعِلْمِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ: إِنَّ تَفْسِيرَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي شَهِدَ الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ الطَّبَرِيُّ فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِهِ: الْقَوْلُ فِي أدوات الْمُفَسِّرِ: اعْلَمْ أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ صِحَّةُ الِاعْتِقَادِ أَوَّلًا وَلُزُومُ سُنَّةِ الدِّينِ فَإِنَّ مَنْ كَانَ مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي دِينِهِ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الدُّنْيَا فَكَيْفَ عَلَى الدِّينِ ثُمَّ لَا يُؤْتَمَنُ مِنَ الدِّينِ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ عَالِمٍ فَكَيْفَ يُؤْتَمَنُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ إِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِالْإِلْحَادِ أَنْ يَبْغِيَ الْفِتْنَةَ وَيُغِرِّ النَّاسَ بِلَيِّهِ وَخِدَاعِهِ كَدَأْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>