النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُشْكِلِهِ وَمُوهِمِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَاقُضِ
أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ قُطْرُبٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُوهِمُ التَّعَارُضَ بَيْنَ الْآيَاتِ، وَكَلَامُهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} ، وَلَكِنْ قَدْ يَقَعُ لِلْمُبْتَدِئِ مَا يُوهِمُ اخْتِلَافًا وَلَيْسَ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَاحْتِيجَ لِإِزَالَتِهِ، كَمَا صَنَّفَ فِي مُخْتَلَفِ الْحَدِيثِ وَبَيَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَةِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَحُكِيَ عَنْهُ التَّوَقُّفُ فِي بَعْضِهَا.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: رَأَيْتُ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا هُوَ؟ أَشَكٌّ قَالَ: لَيْسَ بِشَكٍّ وَلَكِنَّهُ اخْتِلَافٌ، قَالَ: هَاتِ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}
وَقَالَ: {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً} فَقَدْ كَتَمُوا وَأَسْمَعُهُ يَقُولُ {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} ثُمَّ قَالَ: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} وقال: {لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} حتى بلغ {طَائِعِينَ} ثُمَّ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} ثُمَّ قَالَ: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} وأسمعه يقول: {كَانَ اللَّهُ} ما شأنه يقول: {كَانَ اللَّهُ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute