للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي مَعْرِفَةِ الْوُجُوهِ وَالنَّظَائِرِ

صَنَّفَ فِيهَا قَدِيمًا مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ الدَّامِغَانِيِّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمِصْرِيُّ وَابْنُ فَارِسٍ وَآخَرُونَ.

فَالْوُجُوهُ لِلَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي عِدَّةِ مَعَانٍ كَلَفْظِ الْأُمَّةِ وَقَدْ أَفْرَدْتُ فِي هَذَا الْفَنِّ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ " مُعْتَرَكُ الْأَقْرَانِ فِي مُشْتَرَكِ الْقُرْآنِ ".

وَالنَّظَائِرُ كَالْأَلْفَاظِ الْمُتَوَاطِئَةِ. وَقِيلَ: النَّظَائِرُ فِي اللَّفْظِ وَالْوُجُوهُ فِي الْمَعَانِي وَضُعِّفَ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ هَذَا لَكَانَ الْجَمْعُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهُمْ يَذْكُرُونَ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ اللَّفْظَ الَّذِي مَعْنَاهُ وَاحِدٌ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ فَيَجْعَلُونَ الْوُجُوهَ نَوْعًا لِأَقْسَامٍ وَالنَّظَائِرَ نَوْعًا آخَرَ.

وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَتِ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ تَنْصَرِفُ إِلَى عِشْرِينَ وَجْهًا وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْبَشَرِ.

وَذَكَرَ مُقَاتِلٌ فِي صَدْرِ كِتَابِهِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا: "لَا يَكُونُ الرَّجُلُ فَقِيهًا كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا كَثِيرَةً ".

قُلْتُ: هَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَوْقُوفًا وَلَفْظُهُ: "لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ ": وَقَدْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَرَى اللَّفْظَ الْوَاحِدَ يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ مُتَعَدِّدَةً فَيَحْمِلَهُ عَلَيْهَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَضَادَّةٍ وَلَا يَقْتَصِرُ بِهِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>