النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي كَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِ
اعْلَمْ أَنَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْأُمَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي وَالْعُبَادِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: وَالْمَعْنَى فِيهِ أَلَّا يَنْقَطِعَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ فِيهِ فَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ التَّبْدِيلُ وَالتَّحْرِيفُ فَإِنْ قَامَ بِذَلِكَ قَوْمٌ يَبْلُغُونَ هَذَا الْعَدَدَ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِلَّا أَثِمَ الْكُلُّ.
وَتَعْلِيمُهُ أَيْضًا فرض كفاية وهو من أَفْضَلُ الْقُرَبِ فَفِي الصَّحِيحِ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ".
وَأَوْجُهُ التَّحَمُّلِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ السَّمَاعُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ وَالْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ وَالسَّمَاعُ عَلَيْهِ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ وَالْمُنَاوَلَةُ وَالْإِجَازَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْإِعْلَامُ وَالْوِجَادَةُ فَأَمَّا غَيْرُ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يَأْتِي هُنَا لِمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ.
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ فَهِيَ الْمُسْتَعْمَلَةُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَأَمَّا السَّمَاعُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ هُنَا لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّمَا أَخَذُوا الْقُرْآنَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْمَنْعُ فِيهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا كَيْفِيَّةُ الْأَدَاءِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ يَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ كَهَيْئَتِهِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ الْمَعْنَى أَوِ اللَّفْظُ لَا بِالْهَيْئَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي أَدَاءِ الْقُرْآنِ وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَكَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute