النَّوْعُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ
لَا خِلَافَ فِي وُقُوعِ الْحَقَائِقِ فِي الْقُرْآنِ وَهِيَ كُلُّ لَفْظٍ بَقِيَ عَلَى مَوْضُوعِهِ وَلَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ وَهَذَا أَكْثَرُ الْكَلَامِ.
وَأَمَّا الْمَجَازُ فَالْجُمْهُورُ أَيْضًا عَلَى وُقُوعِهِ فِيهِ وَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الظَّاهِرِيَّةُ وَابْنُ الْقَاصِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَشُبْهَتُهُمْ أَنَّ الْمَجَازَ أَخُو الْكَذِبِ وَالْقُرْآنُ مُنَزَّهٌ عَنْهُ وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَعْدِلُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا ضَاقَتْ بِهِ الْحَقِيقَةُ فَيَسْتَعِيرُ وَذَلِكَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ شُبْهَةٌ بَاطِلَةٌ وَلَوْ سَقَطَ الْمَجَازُ مِنَ الْقُرْآنِ سَقَطَ مِنْهُ شَطْرُ الْحُسَنِ فَقَدِ اتَّفَقَ الْبُلَغَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَلَوْ وَجَبَ خُلُوُّ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَجَازِ وَجَبَ خُلُوُّهُ مِنَ الْحَذْفِ وَالتَّوْكِيدِ وَتَثَنِيَةِ الْقَصَصِ وَغَيْرِهَا
وَقَدْ أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ الْإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ بن عَبْدِ السَّلَامِ وَلَخَّصْتُهُ مَعَ زِيَادَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي كِتَابٍ سَمَّيْتُهُ مَجَازُ الْفُرْسَانِ إِلَى مَجَازِ الْقُرْآنِ
وَهُوَ قِسْمَانِ:
الْأَوَّلُ: الْمَجَازُ فِي التَّرْكِيبِ وَيُسَمَّى مَجَازُ الْإِسْنَادِ وَالْمَجَازُ الْعَقْلِيُّ وَعَلَاقَتُهُ الْمُلَابَسَةُ وَذَلِكَ أَنْ يُسْنَدَ الْفِعْلُ أَوْ شَبَهُهُ إِلَى غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ أَصَالَةً لِمُلَابَسَتِهِ لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} نُسِبَتِ الزِّيَادَةُ - وَهِيَ فِعْلُ اللَّهِ - إِلَى الْآيَاتِ لِكَوْنِهَا سَبَبًا لَهَا {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ} {يَا هَامَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute