للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زاد {جْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} مُتَمِّمًا لِوَصْفِهَا بِذَلِكَ ثُمَّ كَمُلَ وَصْفُهَا بَعْدَ التَّتْمِيمَيْنِ فَقَالَ: {لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} فَأَتَى بِكُلِّ مَا يَكُونُ فِي الْجِنَانِ لِيَشْتَدَّ الْأَسَفُ عَلَى إِفْسَادِهَا ثُمَّ قَالَ فِي وَصْفِ صَاحِبِهَا: {وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} ثُمَّ اسْتَقْصَى الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ بِمَا يُوجِبُ تَعْظِيمَ الْمُصَابِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ وَصْفِهِ بِالْكِبَرِ {وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ} وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى وَصَفَ الذُّرِّيَّةَ بالضعفاء ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِئْصَالَ الْجَنَّةِ الَّتِي لَيْسَ لِهَذَا الْمُصَابِ غَيْرُهَا بِالْهَلَاكِ فِي أَسْرَعِ وَقْتٍ حَيْثُ قَالَ: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذِكْرِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ سُرْعَةُ الْهَلَاكِ فَقَالَ: {فِيهِ نَارٌ} ثُمَّ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى أَخْبَرَ بِاحْتِرَاقِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ النَّارُ ضَعِيفَةً لَا تَفِي بِاحْتِرَاقِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْأَنْهَارِ وَرُطُوبَةِ الْأَشْجَارِ فَاحْتَرَسَ عَنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ بِقَوْلِهِ: {فَاحْتَرَقَتْ} فَهَذَا أَحْسَنُ اسْتِقْصَاءٍ وَقَعَ فِي كَلَامٍ وَأَتَمَّهُ وَأَكْمَلَهُ

قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِقْصَاءِ وَالتَّتْمِيمِ وَالتَّكْمِيلِ أَنَّ التَّتْمِيمَ يَرِدُ عَلَى الْمَعْنَى النَّاقِصِ ليتم وَالتَّكْمِيلُ يَرِدُ عَلَى الْمَعْنَى التَّامِّ فَيُكَمِّلُ أَوْصَافَهُ وَالِاسْتِقْصَاءُ يَرِدُ عَلَى الْمَعْنَى التَّامِّ الْكَامِلِ فَيَسْتَقْصِي لَوَازِمَهُ وَعَوَارِضَهُ، وَأَوْصَافَهُ وَأَسْبَابَهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ جَمِيعَ مَا تَقَعُ الْخَوَاطِرُ عَلَيْهِ فَلَا يَبْقَى لِأَحَدٍ فِيهِ مَسَاغٌ.

النَّوْعُ الْعِشْرُونَ الِاعْتِرَاضُ

وَسَمَّاهُ قُدَامَةُ الْتِفَاتًا وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِجُمْلَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ أَوْ كَلَامَيْنِ اتَّصَلَا مَعْنًى لِنُكْتَةِ غَيْرِ دَفْعِ الْإِيهَامِ كَقَوْلِهِ: {وَيَجْعَلُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>