للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَهِيَ مُرَشَّحَةٌ بِلَازِمِ الْمُوَرَّى عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} فَإِنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ كَوْنِهِمْ خِيَارًا أَيْ عُدُولًا وَالْإِتْيَانُ قَبْلَهَا مِنْ قِسْمِ الْمُجَرَّدَةِ

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} فَإِنَّ النَّجْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْكَوْكَبِ وَيُرَشِّحُهُ لَهُ ذِكْرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَعَلَى مَا لَا سَاقَ لَهُ مِنَ النَّبَاتِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْبَعِيدُ لَهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْآيَةِ

وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابن حجر أن التَّوْرِيَةِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ} فَإِنَّ"كَافَّةً"بِمَعْنَى"مَانِعٍ"أَيْ تَكُفُّهُمْ عَنِ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْهَاءُ للمبالغة وهذا مَعْنًى بَعِيدٌ وَالْمَعْنَى الْقَرِيبُ الْمُتَبَادِرُ أَنَّ الْمُرَادَ جَامِعَةً بِمَعْنَى "جَمِيعًا" لَكِنْ مَنَعَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ التَّأْكِيدَ يَتَرَاخَى عَنِ الْمُؤَكَّدِ فَكَمَا لَا تَقُولُ رَأَيْتُ جَمِيعًا النَّاسَ لَا تَقُولُ رَأَيْتُ كَافَّةً الناسَ

الِاسْتِخْدَامُ

هُوَ وَالتَّوْرِيَةُ أَشْرَفُ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ وَهُمَا سِيَّانِ بَلْ فَضَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا وَلَهُمْ فِيهِ عِبَارَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُؤْتَى بِلَفْظٍ لَهُ مَعْنَيَانِ فَأَكْثَرُ مُرَادًا بِهِ أَحَدُ مَعَانِيهِ ثُمَّ يُؤْتَى بِضَمِيرِهِ مُرَادًا بِهِ الْمَعْنَى الْآخَرُ وهذه طريقة السَّكَّاكِيِّ وَأَتْبَاعِهِ

وَالْأُخْرَى أَنْ يُؤْتَى بِلَفْظٍ مُشْتَرَكٍ ثُمَّ بِلَفْظَيْنِ يُفْهَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ وَمِنَ الْآخَرُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ بَدْرِ الدِّينِ بن جماعة فِي الْمِصْبَاحِ وَمَشَى

<<  <  ج: ص:  >  >>