للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاقْتِدَارُ

هُوَ أَنْ يُبْرِزَ الْمُتَكَلِّمُ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ فِي عِدَّةِ صُوَرٍ اقْتِدَارًا مِنْهُ عَلَى نَظْمِ الْكَلَامِ وتركيبه وعلى صِيَاغَةِ قَوَالِبِ الْمَعَانِي وَالْأَغْرَاضِ فَتَارَةً يَأْتِي بِهِ فِي لَفْظِ الِاسْتِعَارَةِ وَتَارَةً فِي صُورَةِ الْإِرْدَافِ وَحِينًا فِي مَخْرِجِ الْإِيجَازِ وَمَرَّةً فِي قَالَبِ الْحَقِيقَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ وَعَلَى هَذَا أَتَتْ جَمِيعُ قَصَصِ الْقُرْآنِ فَإِنَّكَ تَرَى الْقِصَّةَ الْوَاحِدَةَ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ مَعَانِيهَا تَأْتِي فِي صور مُخْتَلِفَةٍ وَقَوَالِبَ مِنَ الْأَلْفَاظِ مُتَعَدِّدَةٍ حَتَّى لَا تَكَادَ تَشْتَبِهُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَجِدَ الْفَرْقَ بَيْنَ صُوَرِهَا ظَاهِرًا.

ائْتِلَافُ اللَّفْظِ مَعَ اللَّفْظِ وَائْتِلَافُهُ مَعَ الْمَعْنَى

الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْأَلْفَاظُ يُلَائِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِأَنْ يقرن الْغَرِيبُ بِمِثْلِهِ وَالْمُتَدَاوَلُ بِمِثْلِهِ رِعَايَةً لِحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْمُنَاسَبَةِ

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ أَلْفَاظُ الْكَلَامِ مُلَائِمَةً لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ فَإِنْ كَانَ فَخْمًا كَانَتْ أَلْفَاظُهُ فَخْمَةً أَوْ جَزْلًا فَجَزْلَةً أَوْ غَرِيبًا فَغَرِيبَةً أَوْ مُتَدَاوَلًا فَمُتَدَاوَلَةً أَوْ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْغَرَابَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ فَكَذَلِكَ

فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً} أَتَى بِأَغْرَبِ أَلْفَاظِ الْقَسَمِ وَهِيَ التَّاءُ فَإِنَّهَا أَقَلُّ اسْتِعْمَالًا وَأَبْعَدُ مِنْ أَفْهَامِ الْعَامَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الباء والواو وَبِأَغْرَبِ صِيَغِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَرْفَعُ الْأَسْمَاءَ وَتَنْصِبُ الْأَخْبَارَ فَإِنَّ"تَزَالُ"أَقْرَبُ إِلَى الْأَفْهَامِ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا مِنْهَا وَبِأَغْرَبِ أَلْفَاظِ الْهَلَاكِ وَهُوَ الْحَرَضُ فَاقْتَضَى حُسْنُ الْوَضْعِ فِي النظم أن تجاوز كُلُّ لَفْظَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>