ذَلِكَ بِمَعَانٍ تُخَالِفُ مَعْنَى التَّسْوِيَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ} الْآيَةَ سَوَّى فِي الْحُكْمِ وَالْعِلْمِ وَزَادَ فَضْلُ سُلَيْمَانَ بِالْفَهْمِ
حُسْنُ النَّسَقِ
هُوَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُتَكَلِّمَ بِكَلِمَاتٍ مُتَتَالِيَاتٍ مَعْطُوفَاتٍ مُتَلَاحِمَاتٍ، تَلَاحُمًا سَلِيمًا مُسْتَحْسَنًا بِحَيْثُ إِذَا أُفْرِدَتْ كُلُّ جُمْلَةٍ مِنْهُ قَامَتْ بِنَفْسِهَا وَاسْتَقَلَّ مَعْنَاهَا بِلَفْظِهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ} الْآيَةَ، فَإِنَّ جُمَلَهُ مَعْطُوفٌ بَعْضُهَا على بعضها بِوَاوِ النَّسَقِ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْبَلَاغَةُ مِنَ الِابْتِدَاءِ بِالِاسْمِ الَّذِي هُوَ انْحِسَارُ الْمَاءِ عَنِ الْأَرْضِ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ غَايَةُ مَطْلُوبِ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنَ الْإِطْلَاقِ مَنْ سِجْنِهَا ثُمَّ انْقِطَاعُ مَادَّةِ السَّمَاءِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ تَمَامُ ذَلِكَ مِنْ دَفْعِ أَذَاهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَمِنْهُ اخْتِلَافُ مَا كَانَ بِالْأَرْضِ ثُمَّ الْإِخْبَارُ بِذَهَابِ الْمَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَادَّتَيْنِ الَّذِي هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ قَطْعًا ثُمَّ بِقَضَاءِ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ هَلَاكُ مَنْ قُدِّرَ هَلَاكُهُ وَنَجَاةُ مَنْ سَبَقَ نَجَاتُهُ وَأُخِّرَ عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لِأَهْلِ السَّفِينَةِ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْهَا وَخُرُوجُهُمْ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَ بِاسْتِوَاءِ السَّفِينَةِ وَاسْتِقْرَارِهَا الْمُفِيدِ ذَهَابَ الْخَوْفِ وَحُصُولَ الْأَمْنِ مِنَ الِاضْطِرَابِ ثُمَّ خَتَمَ بِالدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِينَ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْغَرَقَ وَإِنَّ عَمَّ الْأَرْضَ فَلَمْ يَشْمَلْ إِلَّا مَنِ اسْتَحَقَّ الْعَذَابَ لِظُلْمِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute