للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً} إِلَى قَوْلِهِ: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً}

التَّوْشِيحُ

وَأَمَّا التَّوْشِيحُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ مَا يَسْتَلْزِمُ الْقَافِيَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّصْدِيرِ أَنَّ هَذَا دَلَالَتُهُ مَعْنَوِيَّةٌ وَذَاكَ لَفْظِيَّةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ} الْآيَةَ فَإِنَّ "اصْطَفَى" لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَاصِلَةَ "الْعَالَمِينَ" بِاللَّفْظِ لِأَنَّ لَفْظَ "الْعَالَمِينَ" غَيْرُ لَفْظِ "اصْطَفَى" وَلَكِنْ بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّ من لوازم اصطفاء شيء أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا عَلَى جِنْسِهِ وَجِنْسُ هَؤُلَاءِ الْمُصْطَفَيْنَ الْعَالَمُونَ

وَكَقَوْلِهِ: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ} الْآيَةَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ: فَإِنَّ مَنْ كَانَ حَافِظًا لِهَذِهِ السُّورَةِ مُتَفَطِّنًا إِلَى أَنَّ مَقَاطِعَ آيِهَا النُّونُ الْمُرْدَفَةُ وَسَمِعَ فِي صَدْرِ الْآيَةِ انْسِلَاخَ النَّهَارِ مِنَ اللَّيْلِ عَلِمَ أَنَّ الْفَاصِلَةَ "مُظْلِمُونَ" لأن من انسلخ النَّهَارَ عَنْ لَيْلِهِ أَظْلَمَ أَيْ دَخَلَ فِي الظُّلْمَةِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ تَوْشِيحًا لِأَنَّ الْكَلَامَ لَمَّا دَلَّ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ نُزِّلَ الْمَعْنَى مَنْزِلَةَ الْوِشَاحِ وَنُزِّلَ أَوَّلُ الْكَلَامِ وَآخِرُهُ مَنْزِلَةَ الْعَاتِقِ وَالْكَشْحِ اللَّذَيْنِ يحول عليها الوشاح.

الإيغال

وَأَمَّا الْإِيغَالُ فَتَقَدَّمَ فِي نَوْعِ الْإِطْنَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>