للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بالذات والمقصود بالذات هُوَ مَسَاقُ الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ الْحَدِيثُ عَنِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ مُفْتَتَحُ الْقَوْلِ

قِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَامِعِ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي التَّعَلُّقُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَيَكْفِي وجه الربط ما ذكرناه لِأَنَّ الْقَصْدَ تَأْكِيدُ أَمْرِ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَالْحَثِّ عَلَى الْإِيمَانِ وَلِهَذَا لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} فَرَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ.

الثَّالِثُ: الِاسْتِطْرَادُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هَذِهِ الْآيَةُ وَارِدَةٌ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ عَقِبَ ذِكْرِ بُدُوِّ السَّوْءَاتِ وَخَصْفِ الْوَرَقِ عَلَيْهِمَا إظهارا للمنة فيما خَلَقَ مِنَ اللِّبَاسِ وَلِمَا فِي الْعُرْيِ وَكَشْفِ الْعَوْرَةِ مِنَ الْمَهَانَةِ وَالْفَضِيحَةِ وَإِشْعَارًا بِأَنَّ السَّتْرَ بَابٌ عَظِيمٌ مِنْ أَبْوَابِ التَّقْوَى وَقَدْ خَرَّجْتُ عَلَى الِاسْتِطْرَادِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} فَإِنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ ذُكِرَ لِلرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى الزاعمين نبوة الْمَسِيحِ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ لِلرَّدِّ عَلَى الْعَرَبِ الزَّاعِمِينَ بُنُوَّةَ الْمَلَائِكَةِ وَيَقْرُبُ مِنَ الِاسْتِطْرَادِ حَتَّى لَا يَكَادَانِ يَفْتَرِقَانِ حُسْنُ التَّخَلُّصِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِمَّا ابْتُدِئَ بِهِ الْكَلَامُ إِلَى الْمَقْصُودِ عَلَى وَجْهٍ سَهْلٍ يَخْتَلِسُهُ اخْتِلَاسًا دَقِيقَ الْمَعْنَى بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ السَّامِعُ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ إِلَّا وَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي لِشِدَّةِ الِالْتِئَامِ بَيْنَهُمَا

وَقَدْ غَلِطَ أَبُو الْعَلَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ غَانِمٍ فِي قَوْلِهِ: لَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا وَرَدَ عَلَى الِاقْتِضَابِ الَّذِي هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>