للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} فَفِيهِ تَقْدِيمُ الْعَدْلِ وَتَأْخِيرُهُ وَالتَّعْبِيرُ بِقَبُولِ الشَّفَاعَةِ تَارَةً وَبِالنَّفْعِ أُخْرَى وَذَكَرَ فِي حِكْمَتِهِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي "مِنْهَا" رَاجِعٌ فِي الْأُولَى إِلَى النَّفْسِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ إِلَى النَّفْسِ الثَّانِيَةِ فَبَيَّنَ فِي الْأُولَى أَنَّ النَّفْسَ الشَّافِعَةَ الْجَازِيَةَ عَنْ غَيْرِهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَقُدِّمَتِ الشَّفَاعَةُ لِأَنَّ الشَّافِعَ يُقَدِّمُ الشفاعة على بذل العدل عنها وَبَيَّنَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ النَّفْسَ الْمَطْلُوبَةَ بِجُرْمِهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ عَنْ نَفْسِهَا وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةُ شَافِعٍ مِنْهَا وَقَدَّمَ الْعَدْلَ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الشَّفَاعَةِ إِنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ رَدِّهِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْأُولَى: {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} وَفِي الثَّانِيَةِ: "وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ" لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ إِنَّمَا تُقْبَلُ مِنَ الشَّافِعِ وَإِنَّمَا تَنْفَعُ الْمَشْفُوعَ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} وفي إبراهيم {وَيُذَبِّحُونَ} بِالْوَاوِ لِأَنَّ الْأُولَى مِنْ كَلَامِهِ تَعَالَى لَهُمْ فَلَمْ يُعَدِّدْ عَلَيْهِمُ الْمِحَنَ تَكَرُّمًا فِي الْخِطَابِ وَالثَّانِيَةَ مِنْ كَلَامِ مُوسَى فَعَدَّدَهَا وَفِي الْأَعْرَافِ {يَقْتُلُونَ} وَهُوَ مِنْ تَنْوِيعِ الْأَلْفَاظِ الْمُسَمَّى بِالتَّفَنُّنِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} الْآيَةَ وَفِي آيَةِ الْأَعْرَافِ اخْتِلَافُ أَلْفَاظٍ وَنُكْتَتُهُ أَنَّ آيَةَ الْبَقَرَةِ في معرض ذكر النعم عليهم حيث قال: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} إِلَى آخِرِهِ فَنَاسَبَ نِسْبَةَ الْقَوْلِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَنَاسَبَ قَوْلَهُ: "رَغَدًا" لِأَنَّ الْمُنْعَمَ بِهِ أَتَمُّ وَنَاسَبَ تقديم {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً} وَنَاسَبَ "خَطَايَاكُمْ" لِأَنَّهُ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَنَاسَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>