وَأَخَذَ قَوْمٌ مِمَّا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ مِنْ ذِكْرِ السِّهَامِ وَأَرْبَابِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ عِلْمَ الْفَرَائِضِ وَاسْتَنْبَطُوا مِنْهَا مِنْ ذِكْرِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالسُّدُسِ وَالثُّمُنِ حِسَابَ الْفَرَائِضِ وَمَسَائِلَ الْعَوْلِ وَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ أَحْكَامَ الْوَصَايَا.
وَنَظَرَ قَوْمٌ إِلَى مَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَى الْحِكَمِ الْبَاهِرَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَنَازِلِهِ وَالنُّجُومِ وَالْبُرُوجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ عِلْمَ الْمَوَاقِيتِ.
وَنَظَرَ الْكُتَّابُ وَالشُّعَرَاءُ إِلَى مَا فِيهِ مِنْ جَزَالَةِ اللَّفْظِ وَبَدِيعِ النَّظْمِ وَحُسْنِ السِّيَاقِ وَالْمَبَادِئِ وَالْمَقَاطِعِ وَالْمَخَالَصِ وَالتَّلْوِينِ فِي الْخِطَابِ وَالْإِطْنَابِ وَالْإِيجَازِ وغير ذلك فاستنبطوا مِنْهُ الْمَعَانِيَ وَالْبَيَانَ وَالْبَدِيعَ.
وَنَظَرَ فِيهِ أَرْبَابُ الْإِشَارَاتِ وَأَصْحَابُ الْحَقِيقَةِ فَلَاحَ لَهُمْ مِنْ أَلْفَاظِهِ مَعَانٍ وَدَقَائِقُ جَعَلُوا لَهَا أَعْلَامًا اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا مِثْلَ الْفَنَاءِ وَالْبَقَاءِ وَالْحُضُورِ وَالْخَوْفِ وَالْهَيْبَةِ وَالْأُنْسِ وَالْوَحْشَةِ وَالْقَبْضِ وَالْبَسْطِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ هَذِهِ الْفُنُونُ الَّتِي أَخَذَتْهَا الْمِلَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مِنْهُ
وَقَدِ احْتَوَى عَلَى عُلُومٍ أُخْرَى مِنْ عُلُومِ الْأَوَائِلِ مِثْلَ الطِّبِّ وَالْجَدَلِ وَالْهَيْئَةِ وَالْهَنْدَسَةِ وَالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالنِّجَامَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَمَّا الطِّبُّ فَمَدَارُهُ عَلَى حِفْظِ نِظَامِ الصِّحَّةِ وَاسْتِحْكَامِ الْقُوَّةِ وَذَلِكَ إِنَّمَا بِاعْتِدَالِ الْمِزَاجِ بِتَفَاعُلِ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُتَضَادَّةِ وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} وعرفنا فيه بما يعيد نِظَامَ الصِّحَّةِ بَعْدَ اخْتِلَالِهِ وَحُدُوثِ الشِّفَاءِ لِلْبَدَنِ بَعْدَ اعْتِلَالِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثُمَّ زَادَ عَلَى طِبِّ الْأَجْسَامِ بِطِبِّ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الصُّدُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute