وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: الْمَقْصُودُ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ تَقْرِيرُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ الْإِلَهِيَّاتِ وَالْمَعَادِ وَالنُّبُوَّاتِ وَإِثْبَاتِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَوْلُهُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يَدُلُّ عَلَى الْإِلَهِيَّاتِ وَقَوْلُهُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يَدُلُّ عَلَى الْمَعَادِ وَقَوْلُهُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يدل على نفي الجبر وَعَلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْكُلَّ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَقَوْلُهُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ قَضَاءِ اللَّهِ وَعَلَى النُّبُوَّاتِ فَلَمَّا كَانَ الْمَقْصِدُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْقُرْآنِ هَذِهِ الْمَطَالِبَ الْأَرْبَعَةَ وَهَذِهِ السُّورَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا سُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: هِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْحِكَمِ النَّظَرِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ الَّتِي هِيَ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَى مَرَاتِبِ السُّعَدَاءِ وَمَنَازِلِ الْأَشْقِيَاءِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ مَنَاطُ الدِّينِ:
أحدها: علم الأصول ومعاقده معرفة اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَإِلَيْهَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَمَعْرِفَةُ النُّبُوَّةِ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وَمَعْرِفَةُ الْمَعَادِ وهو المومي إليه قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
وَثَانِيهَا: عِلْمُ الْفُرُوعِ وَأُسُّهُ الْعِبَادَاتُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}
وَثَالِثُهَا: عِلْمٌ ما يَحْصُلُ بِهِ الْكَمَالُ وَهُوَ عِلْمُ الْأَخْلَاقِ وَأَجَلُّهُ الْوُصُولُ إِلَى الْحَضْرَةِ الصَّمَدَانِيَّةِ وَالِالْتِجَاءِ إِلَى جَنَابِ الْفَرْدَانِيَّةِ وَالسُّلُوكُ لِطَرِيقِهِ وَالِاسْتِقَامَةُ فِيهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}
وَرَابِعُهَا: عِلْمُ الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ عَنِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ السُّعَدَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute