وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الْقُشَيْرِيُّ: التَّفْسِيرُ مَقْصُورٌ عَلَى الِاتِّبَاعِ وَالسَّمَاعِ وَالِاسْتِنْبَاطُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْوِيلِ
وَقَالَ قَوْمٌ: مَا وَقَعَ مُبِينًا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَمُعَيَّنًا فِي صَحِيحِ السُّنَّةِ سُمِّيَ تَفْسِيرًا، لِأَنَّ مَعْنَاهُ قَدْ ظَهَرَ وَوَضَحَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ إِلَيْهِ بِاجْتِهَادٍ وَلَا غَيْرِهِ، بَلْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ لَا يَتَعَدَّاهُ، وَالتَّأْوِيلُ مَا استنبطه العلماء العاملون لِمَعَانِي الْخِطَابِ الْمَاهِرُونَ فِي آلَاتِ الْعُلُومِ
وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الْبَغْوَيُّ وَالْكَوَاشِيُّ: التَّأْوِيلُ صَرْفُ الْآيَةِ إِلَى مَعْنَى مُوَافِقٍ لِمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا تَحْتَمِلُهُ الْآيَةُ، غَيْرَ مُخَالِفٍ للكتاب والسنة من طَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّفْسِيرُ فِي الِاصْطِلَاحِ علم نزول الآيات وشئونها وَأَقَاصِيصِهَا، وَالْأَسْبَابِ النَّازِلَةِ فِيهَا ثُمَّ تَرْتِيبِ مَكِّيِّهَا وَمَدَنِيِّهَا، وَمُحَكِّمِهَا وَمُتَشَابِهِهَا، وَنَاسِخِهَا وَمَنْسُوخِهَا، وَخَاصِّهَا وَعَامِّهَا، وَمُطْلِقِهَا وَمُقَيَّدِهَا، وَمُجَمِّلِهَا وَمُفَسَّرِهَا، وَحَلَالِهَا وَحَرَامِهَا وَوَعْدِهَا وَوَعِيدِهَا، وَأَمْرِهَا وَنَهْيِهَا، وَعِبَرِهَا وَأَمْثَالِهَا
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ: التَّفْسِيرُ عِلْمٌ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَمَدْلُولَاتِهَا وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ، وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ، قَالَ: فَقَوْلُنَا "عِلْمٌ" جِنْسٌ، وَقَوْلُنَا: "يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ" هُوَ عِلْمُ الْقِرَاءَةِ، وَقَوْلُنَا: وَمَدْلُولَاتِهَا أَيْ مَدْلُولَاتِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ، وَهَذَا مَتْنُ عِلْمِ اللُّغَةِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْعِلْمِ، وَقَوْلُنَا: "وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ"، هَذَا يَشْمَلُ عِلْمَ التَّصْرِيفِ وَالْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ وَقَوْلُنَا وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ يَشْمَلُ مَا دَلَالَتُهُ بِالْحَقِيقَةِ، وَمَا دَلَالَتُهُ بِالْمَجَازِ، فَإِنَّ التَّرْكِيبَ قَدْ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ شَيْئًا وَيَصُدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute