للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأُمَّهَاتِهِمْ دون آبائهم، قال: وهذا غلط أوجبه جهل بِالتَّصْرِيفِ فَإِنَّ "أُمًّا" لَا تُجْمَعُ عَلَى "إِمَامٍ"

الرَّابِعُ: الِاشْتِقَاقُ لِأَنَّ الِاسْمَ إِذَا كَانَ اشْتِقَاقُهُ مِنْ مَادَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى بِاخْتِلَافِهِمَا كَالْمَسِيحِ هَلْ هُوَ مِنَ السِّيَاحَةِ أَوِ الْمَسْحِ!

الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ: الْمَعَانِي وَالْبَيَانُ وَالْبَدِيعُ، لِأَنَّهُ يَعْرِفُ بِالْأَوَّلِ خَوَاصَّ تَرَاكِيبِ الْكَلَامِ، مِنْ جِهَةِ إِفَادَتِهَا الْمَعْنَى وَبِالثَّانِي خَوَاصَّهَا مِنْ حَيْثُ اخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ وُضُوحِ الدَّلَالَةِ وَخَفَائِهَا، وَبِالثَّالِثِ وُجُوهَ تَحْسِينِ الْكَلَامِ وَهَذِهِ الْعُلُومُ الثَّلَاثَةُ هِيَ عُلُومُ الْبَلَاغَةِ وَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الْمُفَسِّرِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا يَقْتَضِيهِ الْإِعْجَازُ وَإِنَّمَا يُدْرِكُ بِهَذِهِ الْعُلُومِ

قال السَّكَّاكِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ شَأْنَ الْإِعْجَازِ عَجِيبٌ يُدْرَكُ وَلَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ كَاسْتِقَامَةِ الْوَزْنِ تُدْرَكُ وَلَا يُمْكِنُ وَصْفُهَا وَكَالْمِلَاحَةِ وَلَا طَرِيقَ إِلَى تَحْصِيلِهِ لِغَيْرِ ذَوِي الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ إِلَّا التَّمَرُّنُ عَلَى عِلْمَيِ الْمَعَانِي والبيان وقال ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ: اعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْفَصِيحِ وَالْأَفْصَحِ وَالرَّشِيقِ وَالْأَرْشَقِ مِنَ الْكَلَامِ أَمْرٌ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالذَّوْقِ وَلَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ جَارِيَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بَيْضَاءُ مُشْرَبَةٌ بِحُمْرَةٍ دَقِيقَةُ الشَّفَتَيْنِ نَقِيَّةُ الثَّغْرِ كَحْلَاءُ الْعَيْنَيْنِ أَسِيلَةُ الْخَدِّ دَقِيقَةُ الْأَنْفِ مُعْتَدِلَةُ الْقَامَةِ وَالْأُخْرَى دُونَهَا فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْمَحَاسِنِ لَكِنَّهَا أَحْلَى فِي الْعُيُونِ وَالْقُلُوبِ مِنْهَا وَلَا يُدْرَى سَبَبُ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يُعْرَفُ بِالذَّوْقِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ وَهَكَذَا الْكَلَامُ نَعَمْ يَبْقَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ أَنَّ حُسْنَ الْوُجُوهِ وَمَلَاحَتَهَا وَتَفْضِيلَ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ يُدْرِكُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ عَيْنٌ صَحِيحَةٌ وَأَمَّا الْكَلَامُ فَلَا يُدْرَكُ إِلَّا بِالذَّوْقِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنِ اشْتَغَلَ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالْفِقْهِ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الذَّوْقِ وَمِمَّنْ يَصْلُحُ لِانْتِقَادِ الْكَلَامِ وَإِنَّمَا أَهْلُ الذَّوْقِ هُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>