للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الْأَشْعَرِيُّ: هُوَ مُشْتَقٌّ مَنْ قَرَنْتُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذَا ضَمَمْتَ أَحَدَهُمَا إِلَى الْآخَرِ وَسُمِّيَ بِهِ لِقِرَانِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ فِيهِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَرَائِنِ لْأَنَّ الْآيَاتِ مِنْهُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيُشَابِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَهِيَ قَرَائِنُ وَعَلَى القولين هو بِلَا هَمْزٍ أَيْضًا وَنُونُهُ أَصْلِيَّةٌ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا الْقَوْلُ سَهْوٌ والصحيح أن ترك الهمزة فِيهِ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ وَنَقْلِ حركة الهمزة إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا.

وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ مَهْمُوزٌ فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ اللِّحْيَانِيُّ هُوَ مَصْدَرٌ لَقَرَأْتُ كَالرُّجْحَانِ وَالْغُفْرَانِ سُمِّيَ بِهِ الْكِتَابُ الْمَقْرُوءُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ.

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ الزَّجَّاجُ: هُوَ وَصْفٌ عَلَى فُعْلَانٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَرْءِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ وَمِنْهُ قَرَأْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْتُهُ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لْأَنَّهُ جَمَعَ السُّوَرِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ.

وَقَالَ الرَّاغِبُ: لَا يُقَالُ لِكُلِّ جَمْعٍ قُرْآنٌ وَلَا لِجَمْعِ كَلِّ كَلَامٍ قُرْآنٌ قَالَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ قُرْآنًا لِكَوْنِهِ جَمْعٌ ثَمَرَاتُ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ الْمُنَزَّلَةِ.

وَقِيلَ: لْأَنَّهُ جَمَعَ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ كُلَّهَا.

وَحَكَى قُطْرُبُ قَوْلًا: إِنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ قُرْآنًا لْأَنَّ الْقَارِئَ يُظْهِرُهُ وَيُبَيِّنُهُ مِنْ فِيهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: مَا قَرَأَتِ النَّاقَةُ سَلًا قَطُّ أَيْ مَا رَمَتْ بِوَلَدٍ أَيْ مَا أَسْقَطَتْ وَلَدًا أَيْ مَا حَمَلَتْ قَطُّ وَالْقُرْآنُ يلفظه الْقَارِئُ مِنْ فِيهِ وَيُلْقِيهِ فَسُمِّيَ قُرْآنًا.

قُلْتُ: وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>