للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّينِ - وَإِنْ خَالَفَتِ الرَّسْمَ مِنْ وَجْهٍ - قَدْ أَتَتْ عَلَى الْأَصْلِ فَيَعْتَدِلَانِ وَتَكُونُ قِرَاءَةُ الْإِشْمَامِ مُحْتَمِلَةٌ وَلَوْ كُتِبَ ذَلِكَ بِالسِّينِ عَلَى الْأَصْلِ لَفَاتَ ذَلِكَ.

وَعُدَّتْ قِرَاءَةُ غَيْرِ السِّينِ مُخَالِفَةً لِلرَّسْمِ وَالْأَصْلِ وَلِذَلِكَ اخْتُلِفَ فِي: {بَصْْطَةً} الْأَعْرَافِ دون: {بَسْطَةً} الْبَقَرَةِ لِكَوْنِ حَرْفِ الْبَقَرَةِ كُتِبَ بِالسِّينِ وَالْأَعْرَافِ بِالصَّادِ عَلَى أَنَّ مُخَالِفَ صَرِيحِ الرَّسْمِ فِي حَرْفٍ مُدْغَمٍ أَوْ مُبْدَلٍ أَوْ ثَابِتٍ أَوْ مَحْذُوفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مُخَالِفًا إِذَا ثَبَتَتِ الْقِرَاءَةُ بِهِ وَوَرَدَتْ مَشْهُورَةً مُسْتَفَاضَةً وَلِذَا لَمْ يَعُدُّوا إِثْبَاتَ يَاءِ الزَّوَائِدِ وَحَذْفَ يَاءِ: {فَلا تَسْأَلْنِي} في الكهف وواو: {وَأَكُونَ مِنَ الصَّالِحِينَ} والظاء من: {بِضَنِينٍ} وَنَحْوَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ الرَّسْمِ الْمَرْدُودَةِ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ إِذْ هُوَ قَرِيبٌ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَتُمَشِّيهِ صِحَّةُ الْقِرَاءَةِ وَشُهْرَتُهَا وَتَلَقِّيهَا بِالْقَبُولِ بِخِلَافِ زِيَادَةِ كَلِمَةٍ وَنُقْصَانِهَا وَتَقْدِيمِهَا وَتَأْخِيرِهَا حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ حَرْفًا وَاحِدًا مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي فَإِنَّ حُكْمَهُ فِي حُكْمِ الْكَلِمَةِ لا تسوغ مُخَالَفَةُ الرَّسْمِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ فِي حَقِيقَةِ اتِّبَاعِ الرَّسْمِ وَمُخَالَفَتِهِ.

قَالَ: وَقَوْلُنَا: "وَصَحَّ مسندها " نَعْنِي بِهِ أَنْ يَرْوِيَ تِلْكَ الْقِرَاءَةَ الْعَدْلُ الضَّابِطُ عَنْ مِثْلِهِ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ وَتَكُونُ مَعَ ذَلِكَ مَشْهُورَةً عِنْدَ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ غَيْرَ مَعْدُودَةٍ عِنْدَهُمْ مِنَ الْغَلَطِ أَوْ مِمَّا شَذَّ بِهَا بَعْضُهُمْ.

قَالَ: وَقَدْ شَرَطَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ التَّوَاتُرَ فِي هَذَا الرُّكْنِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِصِحَّةِ السَّنَدِ وَزَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ وَأَنَّ مَا جَاءَ مَجِيءَ الْآحَادِ لَا يَثْبُتُ بِهِ قُرْآنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>