للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: إِعْظَامُ أَجْرِهَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ يُفْرِغُونَ جُهْدَهُمْ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ وَضَبْطِهِ لَفْظَةً لَفْظَةً حَتَّى مَقَادِيرِ الْمَدَّاتِ وَتَفَاوُتِ الْإِمَالَاتِ ثُمَّ فِي تَتَبُّعِ مَعَانِي ذَلِكَ وَاسْتِنْبَاطِ الْحُكْمِ وَالْأَحْكَامِ مِنْ دَلَالَةِ كُلِّ لَفْظٍ وَإِمْعَانِهِمُ الْكَشْفَ عَنِ التَّوْجِيهِ وَالتَّعْلِيلِ وَالتَّرْجِيحِ.

وَمِنْهَا: إِظْهَارُ سِرِّ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ وَصِيَانَتُهُ لَهُ عَنِ التَّبْدِيلِ وَالِاخْتِلَافِ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ الْكَثِيرَةِ.

وَمِنْهَا: الْمُبَالَغَةُ فِي إِعْجَازِهِ بِإِيجَازِهِ إِذْ تَنَوُّعُ الْقِرَاءَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْآيَاتِ وَلَوْ جُعِلَتْ دَلَالَةُ كُلِّ لَفْظٍ آيَةً عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَخْفَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ التَّطْوِيلِ وَلِهَذَا كان قوله: {وَأَرْجُلَِكُمْ} مُنَزَّلًا لِغَسْلِ الرِّجْلِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ وَاللَّفْظُ الواحد لَكِنْ بِاخْتِلَافِ إِعْرَابِهِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَ الْقِرَاءَاتِ يُبَيِّنُ مَا لَعَلَّهُ يجهل في القراءة الْأُخْرَى فَقِرَاءَةُ: "يَطَّهَّرْنَ " بِالتَّشْدِيدِ مُبَيِّنَةٌ لِمَعْنَى قِرَاءَةِ التَّخْفِيفِ وَقِرَاءَةُ: "فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ " تُبَيِّنُ أَنَّ المراد بقراءة: "فاسعوا "الذَّهَابُ لَا الْمَشْيُ السَّرِيعُ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ: الْمَقْصِدُ مِنَ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ تَفْسِيرُ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ وَتَبْيِينُ مَعَانِيهَا كَقِرَاءَةِ عَائِشَةَ وحفصة " والصلاة الوسطى صَلَاةِ الْعَصْرِ "،وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا " وَقِرَاءَةِ جَابِرٍ: "فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ " قَالَ: فَهَذِهِ الْحُرُوفُ وَمَا شَاكَلَهَا قَدْ صَارَتْ مُفَسِّرَةً لِلْقُرْآنِ وَقَدْ كَانَ يُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنِ التَّابِعِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>