للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الدَّانِيُّ: وَعُلَمَاؤُنَا مُخْتَلِفُونَ أَيُّهُمَا أَوْجَهُ وَأَوْلَى؟ وَأَنَا أَخْتَارُ الْإِمَالَةَ الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ بَيْنَ بَيْنَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْإِمَالَةِ حَاصِلٌ بِهَا وَهُوَ الإعلام بأن أَصْلُ الْأَلِفِ الْيَاءَ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى انْقِلَابِهَا إِلَى الْيَاءِ فِي مَوْضِعٍ أَوْ مُشَاكَلَتِهَا لِلْكَسْرِ الْمُجَاوِرِ لَهَا أَوِ الْيَاءِ.

وَأَمَّا الْفَتْحُ فَهُوَ فَتْحُ الْقَارِئِ فَاهُ بِلَفْظِ الْحَرْفِ وَيُقَالُ لَهُ التَّفْخِيمُ وَهُوَ شَدِيدٌ وَمُتَوَسِّطٌ فَالشَّدِيدُ هُوَ نِهَايَةُ فَتْحِ الشَّخْصِ فَاهُ بِذَلِكَ الْحَرْفِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ مَعْدُومٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَالْمُتَوَسِّطُ مَا بَيْنَ الْفَتْحِ الشَّدِيدِ وَالْإِمَالَةِ المتوسطة. قال الدَّانِيُّ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ أَصْحَابُ الْفَتْحِ مِنَ الْقُرَّاءِ.

وَاخْتَلَفُوا: هَلِ الْإِمَالَةُ فَرْعٌ عَنِ الْفَتْحِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلٌ بِرَأْسِهِ؟ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِمَالَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِسَبَبٍ فَإِنْ فُقِدَ لَزِمَ الْفَتْحُ وَإِنْ وُجِدَ جَازَ الْفَتْحُ وَالْإِمَالَةُ فَمَا مِنْ كَلِمَةٍ تُمَالُ إِلَّا فِي الْعَرَبِ مَنْ يَفْتَحُهَا فَدَلَّ اطِّرَادُ الْفَتْحِ عَلَى أَصَالَتِهِ وَفَرْعِيَّتِهَا.

وَالْكَلَامُ فِي الْإِمَالَةِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَسْبَابِهَا وَوُجُوهِهَا وَفَائِدَتِهَا وَمَنْ يُمِيلُ وَمَا يُمَالُ.

أما أَسْبَابُهَا فَذَكَرُهَا الْقُرَّاءُ عَشَرَةً قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ: وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْكَسْرَةُ وَالثَّانِي الْيَاءُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلَى مَحَلِّ الإمالة من الكلمة أو متاخرا عَنْهُ وَيَكُونُ أَيْضًا مُقَدَّرًا فِي مَحَلِّ الْإِمَالَةِ. وَقَدْ تَكُونُ الْكَسْرَةُ وَالْيَاءُ غَيْرَ مَوْجُودَتَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَلَا مُقَدَّرَتَيْنِ فِي مَحَلِّ الْإِمَالَةِ وَلَكِنَّهُمَا مِمَّا يَعْرِضُ فِي بَعْضِ تَصَارِيفِ الْكَلِمَةِ. وَقَدْ تُمَالُ الْأَلِفُ أَوِ الْفَتْحَةُ لِأَجْلِ أَلِفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>