للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الصُّورِ} ، أَعْنِي مِنْ تَنْزِيلِ الْمُسْتَقْبَلِ الْوَاجِبِ الْوُقُوعِ مَنْزِلَةَ الْمَاضِي الْوَاقِعِ. وَاحْتَجَّ الْمُثْبِتُونَ مِنْهُمُ ابْنُ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} فَإِنَّ " يَعْلَمُونَ " مُسْتَقْبَلٌ لَفْظًا وَمَعْنًى لِدُخُولِ حَرْفِ التَّنْفِيسِ عَلَيْهِ وَقَدْ عَمِلَ فِي " إِذْ " فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ " إِذَا ".

وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تَأْتِي فِي الْحَالِ نَحْوَ: {وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} أَيْ حِينَ تُفِيضُونَ فِيهِ.

فَائِدَةٌ:

أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ " إِنْ " بِكَسْرِ الْأَلِفِ فَلَمْ يَكُنْ وَمَا كَانَ " إِذْ " فَقَدْ كَانَ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ، نَحْوَ: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} أي ولن ينفعكم اليوم إشراككم فِي الْعَذَابِ لِأَجْلِ ظُلْمِكُمْ فِي الدُّنْيَا. وَهَلْ هِيَ حَرْفٌ بِمَنْزِلَةِ لَامِ الْعِلَّةِ أَوْ ظَرْفٌ بِمَعْنَى وَقْتٍ وَالتَّعْلِيلُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قُوَّةِ الْكَلَامِ لَا مِنَ اللَّفْظِ قَوْلَانِ؟، الْمَنْسُوبُ إِلَى سِيبَوَيْهِ الْأَوَّلُ وَعَلَى الثَّانِي فِي الْآيَةِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ " إِذْ " لَا تُبْدَلُ مِنَ الْيَوْمِ لِاخْتِلَافِ الزَّمَانَيْنِ وَلَا تَكُونُ ظَرْفًا لِـ" يَنْفَعَ " لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فِي ظَرْفَيْنِ وَلَا لِـ" مُشْتَرِكُونَ " لِأَنَّ مَعْمُولَ خَبَرِ " إِنَّ " وَأَخَوَاتِهَا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلِأَنَّ مَعْمُولَ الصِّلَةِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَوْصُولِ وَلِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمْ فِي الْآخِرَةِ لَا فِي زَمَنِ ظُلْمِهِمْ.

وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى التَّعْلِيلِ: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} ، {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} . وَأَنْكَرَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْقِسْمِ وَقَالُوا: التَّقْدِيرُ: "بعد إذا ظَلَمْتُمْ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>