للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَلُّوا " لَكَانَ بِغَيْرِ تَاءٍ وَقَوْلُهُ: {حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} فِي مَعْنَاهُ فجاء غير تَاءٍ وَهَذَا أُسْلُوبٌ لَطِيفٌ مِنْ أَسَالِيبِ الْعَرَبِ أَنْ يَدَعُوا حُكْمَ اللَّفْظِ الْوَاجِبَ فِي قِيَاسِ لُغَتِهِمْ إِذَا كَانَ فِي مَرْتَبَةِ كَلِمَةٍ لَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ الْحُكْمُ.

قَاعِدَةٌ: فِي التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ

اعْلَمْ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَقَامًا لَا يَلِيقُ بِالْآخَرِ أَمَّا التَّنْكِيرُ فَلَهُ أَسْبَابٌ:

أَحَدُهَا: إِرَادَةُ الْوَحْدَةِ، نَحْوَ: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} أَيْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ} .

الثَّانِي: إِرَادَةُ النَّوْعِ، نَحْوَ: {هَذَا ذِكْرُ} أَيْ نَوْعٌ مِنَ الذِّكْرِ {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} أَيْ نَوْعٌ غَرِيبٌ مِنَ الْغِشَاوَةِ لَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ بِحَيْثُ غَطَّى مَا لَا يُغَطِّيهِ شَيْءٌ مِنَ الْغِشَاوَاتِ {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} أَيْ نَوْعٍ مِنْهَا وَهُوَ الِازْدِيَادُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ الْحِرْصَ لَا يَكُونُ عَلَى الْمَاضِي وَلَا عَلَى الْحَاضِرِ.

وَيَحْتَمِلُ الْوَحْدَةَ وَالنَّوْعِيَّةَ مَعًا قَوْلُهُ: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} أَيْ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّوَابِّ مِنْ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَاءِ وَكُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الدَّوَابِّ مِنْ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ النُّطَفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>