للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَارَةً يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْجَمْعِ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ نَحْوَ: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} . وَجَعَلَ مِنْهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} .

وَتَارَةً يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ فَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُعَيِّنُ أحدهما.

وأما مقابل الْجَمْعِ بِالْمُفْرَدِ فَالْغَالِبُ أَلَّا يَقْتَضِيَ تَعْمِيمَ الْمُفْرَدِ وَقَدْ يَقْتَضِيهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} الْمَعْنَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ لِكُلِّ يَوْمٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ذَلِكَ.

قَاعِدَةٌ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُظَنُّ بِهَا التَّرَادُفُ وَلَيْسَتْ مِنْهُ

مِنْ ذَلِكَ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ لَا يَكَادُ اللُّغَوِيُّ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخَشْيَةَ أَعْلَى مِنْهُ وَهِيَ أَشَدُّ الْخَوْفِ فَإِنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: شَجَرَةٌ خَشِيَّةٌ أَيْ يَابِسَةٌ وَهُوَ فَوَاتٌ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْخَوْفُ مِنْ نَاقَةٍ خَوْفَاءَ أَيْ بِهَا دَاءٌ وَهُوَ نَقْصٌ وَلَيْسَ بِفَوَاتٍ وَلِذَلِكَ خُصَّتِ الْخَشْيَةُ بِاللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} .

وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الْخَشْيَةَ تَكُونُ مِنْ عِظَمِ الْمُخْتَشَى وَإِنْ كَانَ الْخَاشِي قَوِيًّا وَالْخَوْفُ يَكُونُ مِنْ ضَعْفِ الْخَائِفِ وَإِنْ كَانَ الْمَخُوفُ أَمْرًا يَسِيرًا وَيَدُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>