للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ ذَلِكَ التَّمَامُ وَالْكَمَالُ وَقَدِ اجْتَمَعَا فِي قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} فَقِيلَ: الْإِتْمَامُ لِإِزَالَةِ نُقْصَانِ الْأَصْلِ وَالْإِكْمَالُ لِإِزَالَةِ نُقْصَانِ الْعَوَارِضِ بَعْدَ تَمَامِ الْأَصْلِ وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُهُ: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} أَحْسَنَ مِنْ " تَامَّةٍ " فَإِنَّ التَّمَامَ مِنَ الْعَدَدِ قَدْ عُلِمَ وَإِنَّمَا نَفَى احْتِمَالَ نَقْصٍ فِي صِفَاتِهَا وَقِيلَ: تَمَّ يُشْعِرُ بِحُصُولِ نَقْصٍ قَبْلَهُ وكمل لَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ. وَقَالَ الْعَسْكَرِيُّ: الْكَمَالُ اسْمٌ لِاجْتِمَاعِ أَبْعَاضِ الْمَوْصُوفِ بِهِ وَالتَّمَامُ اسْمٌ لِلْجُزْءِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ الْمَوْصُوفُ وَلِهَذَا يُقَالُ: الْقَافِيَةُ تَمَامُ الْبَيْتِ وَلَا يُقَالُ: ماله وَيَقُولُونَ: الْبَيْتُ بِكَمَالِهِ أَيْ بِاجْتِمَاعِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ الْإِعْطَاءُ وَالْإِيتَاءُ قَالَ الخويي: لَا يَكَادُ اللُّغَوِيُّونَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَظَهَرَ لِي بَيْنَهُمَا فَرْقٌ يُنْبِئُ عَنْ بَلَاغَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ أَنَّ الْإِيتَاءَ أَقْوَى مِنَ الْإِعْطَاءِ فِي إِثْبَاتِ مَفْعُولِهِ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَهُ مُطَاوِعٌ تَقُولُ أَعْطَانِي فَعُطَوْتُ وَلَا يُقَالُ فِي الْإِيتَاءِ آتَانِي فَأُتِيتُ وَإِنَّمَا يُقَالُ آتَانِي فَأَخَذْتُ وَالْفِعْلُ الَّذِي لَهُ مُطَاوِعٌ أَضْعَفُ فِي إِثْبَاتِ مَفْعُولِهِ مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي لَا مُطَاوِعَ لَهُ لِأَنَّكَ تَقُولُ قَطَعْتُهُ فَانْقَطَعَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْفَاعِلِ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى قَبُولٍ فِي الْمَحَلِّ لَوْلَاهُ مَا ثَبَتَ الْمَفْعُولُ وَلِهَذَا يَصِحُّ قَطَعْتُهُ فَمَا انْقَطَعَ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا مُطَاوِعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ ضَرَبْتُهُ فَانْضَرَبَ أَوْ فَمَا انْضَرَبَ وَلَا قَتَلْتُهُ فَانْقَتَلَ وَلَا فَمَا انْقَتَلَ لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالٌ إِذَا صَدَرَتْ مِنَ الْفَاعِلِ ثَبَتَ لَهَا الْمَفْعُولُ فِي الْمَحَلِّ وَالْفَاعِلُ مُسْتَقِلٌّ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي لَا مُطَاوِعَ لَهَا فَالْإِيتَاءُ أَقْوَى مِنَ الْإِعْطَاءِ. قَالَ وَقَدْ تَفَكَّرْتُ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ فَوَجَدْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>