مَسْأَلَةٌ
اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ عَطْفِ الِاسْمِيَّةِ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ وَعَكْسِهِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْجَوَازِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْمَنْعِ وَقَدْ لَهِجَ بِهِ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ كَثِيرًا. وَرَدَّ بِهِ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِتَحْرِيمِ أَكْلِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} فَقَالَ: هِيَ حُجَّةٌ لِلْجَوَازِ لَا لِلتَّحْرِيمِ وَذَلِكَ أَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ عَاطِفَةً لِتَخَالُفِ الْجُمْلَتَيْنِ بِالِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ وَلَا لِلِاسْتِئْنَافِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَاوِ أَنْ تَرْبِطَ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا فَبَقِيَ أَنْ تَكُونَ لِلْحَالِ فتكون جملة الحال مُقَيَّدَةً لِلنَّهْيِ وَالْمَعْنَى لَا تَأْكُلُوا مِنْهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ فِسْقًا وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ الْأَكْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِسْقًا وَالْفِسْقُ قَدْ فَسَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: {أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} فَالْمَعْنَى لَا تَأْكُلُوا مِنْهُ إِذَا سُمِّيَ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ وَمَفْهُومُهُ فَكُلُوا مِنْهُ إِذَا لَمْ يُسَمَّ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَوْ أُبْطِلَ الْعَطْفُ بِتَخَالُفِ الْجُمْلَتَيْنِ بِالْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ لَكَانَ صَوَابًا.
اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيِ عَامِلَيْنِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ سِيبَوَيْهِ الْمَنْعُ وَبِهِ قَالَ الْمُبَرِّدُ وَابْنُ السَّرَّاجِ وَابْنُ هِشَامٍ وَجَوَّزَهُ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ وَخُرِّجَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute