للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَكِّيٌّ وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ وَأَنْكَرَ عَلَى النَّحَّاسِ إِجَازَتَهُ ذَلِكَ مُحْتَجًّا بِأَنَّ النَّاسِخَ فِيهِ لَا يَأْتِي بِلَفْظِ الْمَنْسُوخِ وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِي بِلَفْظٍ آخَرَ

وَقَالَ السَّعِيدِيُّ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ النَّحَّاسُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}

وَقَالَ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا نَزَلَ مِنَ الْوَحْيِ نُجُومًا جَمِيعُهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} الثَّانِيَةُ: النَّسْخُ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ لِحِكَمٍ مِنْهَا التَّيْسِيرُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِهِ وَأَنْكَرَهُ الْيَهُودُ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ بَدَاءٌ كَالَّذِي يَرَى الرَّأْيَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بَيَانُ مُدَّةِ الْحُكْمِ كَالْإِحْيَاءِ بَعْدَ الْإِمَاتَةِ وَعَكْسِهِ وَالْمَرَضِ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَعَكْسِهِ وَالْفَقْرِ بَعْدَ الْغِنَى وَعَكْسِهِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ بَدَاءً فكذا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فَقِيلَ لَا يُنْسَخُ الْقُرْآنُ إِلَّا بِقُرْآنٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} قَالُوا: وَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْقُرْآنِ وَخَيْرًا مِنْهُ إِلَّا قُرْآنٌ

وَقِيلَ: بَلْ يُنْسَخُ الْقُرْآنُ بِالسُّنَّةِ لِأَنَّهَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} وَجُعِلَ مِنْهُ آيَةُ الْوَصِيَّةِ الْآتِيَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>