للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مَكِّيٌّ: هَذَا الْمِثَالُ فِيهِ الْمَنْسُوخُ غَيْرُ مَتْلُوٍّ وَالنَّاسِخُ أَيْضًا غَيْرُ مَتْلُوٍّ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ نَظِيرًا انْتَهَى.

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا نُسِخَ حُكْمُهُ دُونَ تِلَاوَتِهِ وَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ وَهُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ قَلِيلٌ جِدًّا وَإِنْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ تِعْدَادِ الْآيَاتِ فِيهِ فَإِنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ بَيَّنَ ذَلِكَ وَأَتْقَنَهُ

وَالَّذِي أَقُولُهُ: أَنَّ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُكْثِرُونَ أَقْسَامٌ قِسْمٌ لَيْسَ مِنَ النَّسْخِ فِي شَيْءٍ وَلَا مِنَ التَّخْصِيصِ وَلَا لَهُ بِهِمَا عَلَاقَةٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} و {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالُوا: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الزَّكَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ بَاقٍ أَمَّا الْأُولَى فَإِنَّهَا خَبَرٌ فِي مَعْرِضِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ بِالْإِنْفَاقِ وَذَلِكَ يَصْلُحُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالزَّكَاةِ وَبِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَهْلِ وَبِالْإِنْفَاقِ فِي الْأُمُورِ الْمَنْدُوبَةِ كَالْإِعَانَةِ وَالْإِضَافَةِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ غَيْرُ الزَّكَاةِ وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ يَصْلُحُ حَمْلُهَا عَلَى الزَّكَاةِ وَقَدْ فُسِّرَتْ بِذَلِكَ

وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} قِيلَ إِنَّهَا مِمَّا نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ أَبَدًا لَا يَقْبَلُ هَذَا الْكَلَامُ النَّسْخَ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْأَمْرَ بِالتَّفْوِيضِ وَتَرْكِ الْمُعَاقَبَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْبَقَرَةِ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} عَدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْمَنْسُوخِ بِآيَةِ السَّيْفِ وَقَدْ غَلَّطَهُ ابْنُ الْحَصَّارِ بِأَنَّ الْآيَةَ حِكَايَةٌ عَمَّا أَخَذَهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِيثَاقِ فَهُوَ خَبَرٌ لَا نَسْخَ فِيهِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ

وَقِسْمٌ هُوَ مَنْ قِسْمِ الْمَخْصُوصِ لَا مِنْ قِسْمِ الْمَنْسُوخِ وَقَدِ اعْتَنَى ابْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>