للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَاءَ إِذَا أَخَذْتَ مِنْهُ فَوْقَ حَاجَتِكَ تَضَرَّرْتَ وَإِنْ أَخَذْتَ قَدَرَ الْحَاجَةِ انْتَفَعْتَ بِهِ فَكَذَلِكَ الدُّنْيَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَاءَ إِذَا طَبَّقْتَ عَلَيْهِ كَفَّكَ لِتَحْفَظَهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ الدُّنْيَا. وَقَوْلُهُ: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} الْآيَةَ فَشَبَّهَ نُورَهُ الَّذِي يُلْقِيهِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ بِمِصْبَاحٍ اجْتَمَعَتْ فِيهِ أَسْبَابُ الْإِضَاءَةِ إِمَّا بِوَضْعِهِ فِي مِشْكَاةٍ وَهِيَ الطَّاقَةُ الَّتِي لَا تَنْفُذُ وَكَوْنُهَا لَا تَنْفُذُ لِتَكُونَ أَجْمَعَ لِلْبَصَرِ وَقَدْ جُعِلَ فِيهَا مِصْبَاحٌ فِي دَاخِلِ زُجَاجَةٍ تُشْبِهُ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي صَفَائِهَا وَدُهْنُ الْمِصْبَاحِ مِنْ أَصْفَى الْأَدْهَانِ وَأَقْوَاهَا وَقُودًا لِأَنَّهُ مَنْ زَيْتِ شجرة في وسط السراج لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ فَلَا تُصِيبُهَا الشَّمْسُ فِي أَحَدِ طَرَفَيِ النَّهَارِ بَلْ تُصِيبُهَا الشَّمْسُ أَعْدَلَ إصابة وهذا مثل ضربه الله لِلْمُؤْمِنِ ثُمَّ ضَرَبَ لِلْكَافِرِ مَثَلَيْنِ أَحَدُهُمَا كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ وَالْآخَرُ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ إِلَى آخِرِهِ وَهُوَ أَيْضًا تَشْبِيهُ تَرْكِيبٍ.

الثَّالِثُ: يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ إِلَى أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: تَشْبِيهُ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ الْحَاسَّةُ بِمَا لَا تَقَعُ اعْتِمَادًا عَلَى مَعْرِفَةِ النَّقِيضِ وَالضِّدِّ فَإِنَّ إِدْرَاكَهُمَا أَبْلَغُ مِنْ إِدْرَاكِ الْحَاسَّةِ كقوله: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} شَبَّهَ بِمَا لَا يُشَكُّ أَنَّهُ قَبِيحٌ لِمَا حَصَلَ فِي نُفُوسِ النَّاسِ مِنْ بَشَاعَةِ صُورَةِ الشَّيَاطِينِ وَإِنْ لَمْ تَرَهَا عَيَانًا.

الثَّانِي: عَكْسُهُ وَهُوَ تَشْبِيهُ مَا لَا تَقَعُ عَلَيْهِ الْحَاسَّةُ بِمَا تَقَعُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} الآية أَخْرَجَ مَا لَا يُحَسُّ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>