للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأُولَى: مَا تَحَقَّقَ مَعْنَاهَا حِسًّا نَحْوُ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ} الْآيَةَ أَوْ عَقْلًا نَحْوُ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} أَيْ بَيَانًا وَاضِحًا وَحُجَّةً لَامِعَةً {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أَيِ الدِّينَ الْحَقَّ فَإِنَّ كُلًّا منهما يَتَحَقَّقُ عَقْلًا.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُضْمَرَ التَّشْبِيهُ فِي النَّفْسِ فَلَا يُصَرَّحُ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِهِ سِوَى الْمُشَبَّهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّشْبِيهِ الْمُضْمِرِ فِي النَّفْسِ بِأَنْ يَثْبُتَ لِلْمُشَبَّهِ أَمْرٌ مُخْتَصٌّ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ

وَيُسَمَّى ذَلِكَ التَّشْبِيهُ الْمُضْمَرُ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ وَمَكْنِيًّا عَنْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرَّحْ بِهِ بَلْ دَلَّ عَلَيْهِ بِذِكْرِ خَوَاصِّهِ

وَيُقَابِلُهُ التَّصْرِيحِيَّةُ وَيُسَمَّى إِثْبَاتُ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُخْتَصِّ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ اسْتِعَارَةً تَخْيِيلِيَّةً لِأَنَّهُ قَدِ اسْتُعِيرَ لِلْمُشَبَّهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْمُخْتَصُّ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ وَبِهِ يَكُونُ كَمَالُ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَقِوَامُهُ فِي وَجْهِ الشَّبَهِ لِتَخَيُّلِ أَنَّ الْمُشَبَّهَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} شبه العهد بِالْحَبْلِ وَأَضْمَرَ فِي النَّفْسِ فَلَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ التَّشْبِيهِ سِوَى الْعَهْدِ الْمُشَبَّهِ وَدَلَّ عَلَيْهِ بِإِثْبَاتِ النَّقْضِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ الْحَبْلُ وَكَذَا: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} طَوَى ذِكْرَ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ النَّارُ وَدَلَّ عَلَيْهِ بِلَازِمِهِ وَهُوَ الاشتعال: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ} الْآيَةَ شَبَّهَ مَا يُدْرَكُ مِنْ أَثَرِ الضَّرَرِ وَالْأَلَمِ بِمَا يُدْرَكُ مِنْ طَعْمِ الْمُرِّ فَأَوْقَعَ عَلَيْهِ الْإِذَاقَةَ {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} شبهها في ألا تَقْبَلُ الْحَقَّ بِالشَّيْءِ الْمَوْثُوقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>