النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: فِي الْحَصْرِ وَالِاخْتِصَاصِ
أَمَّا الْحَصْرُ- وَيُقَالُ لَهُ الْقَصْرُ فَهُوَ تَخْصِيصُ أَمْرٍ بِآخَرَ بِطَرِيقٍ مَخْصُوصٍ وَيُقَالُ أَيْضًا إِثْبَاتُ الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ وَنَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ
وَيَنْقَسِمُ إِلَى قَصْرِ الْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ وَقَصْرِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إِمَّا حَقِيقِيٌّ وَإِمَّا مَجَازِيٌ مِثَالُ قَصْرِ الْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ حَقِيقَيًّا نَحْوُ "مَا زَيْدٌ إِلَّا كَاتِبٌ" أَيْ لَا صِفَةَ لَهُ غَيْرُهَا وَهُوَ عَزِيزٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لِتَعَذُّرِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَاتِ الشَّيْءِ حَتَّى يُمْكِنَ إِثْبَاتُ شَيْءٍ مِنْهَا وَنَفْيُ مَا عَدَاهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَعَلَى عَدَمِ تَعَذُّرِهَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ لِلذَّاتِ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَ لَهَا غَيْرُهَا وَلِذَا لَمْ يَقَعْ فِي التَّنْزِيلِ
وَمِثَالُهُ مَجَازِيًّا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} أَيْ أَنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى الرِّسَالَةِ لَا يَتَعَدَّاهَا إِلَى التَّبَرِّي مِنَ الْمَوْتِ الَّذِي اسْتَعْظَمُوهُ الَّذِي هُوَ مِنْ شَأْنِ الْإِلَهِ
وَمِثَالُ قَصْرِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ حَقِيقِيًّا: {لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}
وَمِثَالُهُ مَجَازِيًّا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} الآية كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا تَقَدَّمَ نقله عنه في أَسْبَابِ النُّزُولِ إِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا كَانُوا يُحِلُّونَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخنزير وما أهل لغير اللَّهِ بِهِ وَكَانُوا يُحْرِّمُونَ كَثِيرًا مِنَ الْمُبَاحَاتِ وَكَانَتْ سَجِيَّتُهُمْ تُخَالِفُ وَضْعَ الشَّرْعِ وَنَزَلَتِ الْآيَةُ مسبوقة بِذِكْرِ شُبَهِهِمْ فِي الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute