للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخْبَرَ وَنَادَى، وَنَعَتَ وَسَمَّى وَأَهْلَكَ وَأَبْقَى، وَأَسْعَدَ وَأَشْقَى وَقَصَّ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا لَوْ شُرِحَ مَا انْدَرَجَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ بَدِيعِ اللَّفْظِ وَالْبَلَاغَةِ وَالْإِيجَازِ وَالْبَيَانِ لَجَفَّتِ الْأَقْلَامُ وَقَدْ أَفْرَدْتُ بَلَاغَةَ هَذِهِ الْآيَةِ بِالتَّأْلِيفِ، وَفِي الْعَجَائِبِ لِلْكِرْمَانِيِّ: أَجْمَعَ الْمُعَانِدُونَ عَلَى أَنَّ طَوْقَ الْبَشَرِ قَاصِرٌ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ أَنْ فَتَّشُوا جَمِيعَ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَلَمْ يَجِدُوا مِثْلَهَا فِي فَخَامَةِ أَلْفَاظِهَا وَحُسْنِ نَظْمِهَا وَجَوْدَةِ مَعَانِيهَا فِي تَصْوِيرِ الْحَالِ مَعَ الْإِيجَازِ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} الْآيَةَ جَمَعَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَحَدَ عَشَرَ جِنْسًا مِنَ الْكَلَامِ نَادَتْ وَكَنَّتْ وَنَبَّهَتْ وَسَمَّتْ وَأَمَرَتْ وَقَصَّتْ وَحَذَّرَتْ وَخَصَّتْ وَعَمَّتْ وَأَشَارَتْ وَعَذَرَتْ فَالنِّدَاءُ "يَا"وَالْكِنَايَةُ "أَيْ" وَالتَّنْبِيهُ "هَا" وَالتَّسْمِيَةُ "النَّمْلُ" وَالْأَمْرُ "ادْخُلُوا" وَالْقَصَصُ "مَسَاكِنَكُمْ" وَالتَّحْذِيرُ "لَا يَحْطِمَنَّكُمْ" وَالتَّخْصِيصُ "سُلَيْمَانُ" وَالتَّعْمِيمُ "جُنُودُهُ" وَالْإِشَارَةُ "وَهُمْ " وَالْعُذْرُ "لَا يَشْعُرُونَ" فأدت خمس حُقُوقٍ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ رَسُولِهِ وَحَقَّهَا وَحَقَّ رَعِيَّتِهَا وَحَقَّ جُنُودِ سليمان

وقوله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} الْآيَةَ جُمِعَ فِيهَا أُصُولُ الْكَلَامِ النِّدَاءُ وَالْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ وَالْأَمْرُ وَالْإِبَاحَةُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَمَعَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي شَطْرِ آيَةِ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} الْآيَةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>