أَنْ يُؤْتَى بِكَلَامٍ يَتَّسِعُ فِيهِ التَّأْوِيلُ بِحَسَبَ مَا تَحْتَمِلُهُ أَلْفَاظُهُ مِنَ الْمَعَانِي كَفَوَاتِحِ السُّوَرِ ذَكَرَهُ ابن أبي الإصبع
إيجاز الحذف
الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيِ الْإِيجَازِ: الْحَذْفِ وَفِيهِ فَوَائِدُ.
ذِكْرُ أَسْبَابِهِ:
مِنْهَا مُجَرَّدُ الِاخْتِصَارِ وَالِاحْتِرَازِ عَنِ الْعَبَثِ لِظُهُورِهِ
وَمِنْهَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الزَّمَانَ يَتَقَاصَرُ عَنِ الْإِتْيَانِ بِالْمَحْذُوفِ وَأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِذِكْرِهِ يُفْضِي إِلَى تَفْوِيتِ الْمُهِمِّ وَهَذِهِ هِيَ فَائِدَةُ بَابِ التَّحْذِيرِ وَالْإِغْرَاءِ وَقَدِ اجْتَمَعَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} فناقة اللَّهِ تَحْذِيرٌ بِتَقْدِيرِ "ذَرُوا" وَ "سُقْيَاهَا" إِغْرَاءٌ بِتَقْدِيرِ "الْزَمُوا"
وَمِنْهَا التَّفْخِيمُ وَالْإِعْظَامُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِبْهَامِ قَالَ حَازِمٌ فِي مِنْهَاجِ الْبُلَغَاءِ إِنَّمَا يَحْسُنُ الْحَذْفُ لِقُوَّةِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ أَوْ يُقْصَدُ بِهِ تَعْدِيدُ أَشْيَاءَ فَيَكُونُ فِي تَعْدَادِهَا طُولٌ وَسَآمَةٌ فَيُحْذَفُ وَيُكْتَفَى بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَتُتْرَكُ النَّفْسُ تَجُولُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُكْتَفَى بِالْحَالِ عَنْ ذِكْرِهَا قَالَ: وَلِهَذَا الْقَصْدِ يُؤْثَرُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا التَّعَجُّبُ وَالتَّهْوِيلُ عَلَى النُّفُوسِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي وَصْفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} ، فَحُذِفَ الْجَوَابُ إِذْ كَانَ وَصْفُ مَا يَجِدُونَهُ وَيَلْقَوْنَهُ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يَتَنَاهَى فَجُعِلَ الْحَذْفُ دَلِيلًا على ضيق الْكَلَامِ عَنْ وَصْفِ مَا يُشَاهِدُونَهُ وَتُرِكَتِ النُّفُوسُ تُقَدِّرُ مَا شَاءَتْهُ وَلَا تَبْلُغُ مَعَ ذَلِكَ كُنْهَ مَا هُنَالِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute