دُونَ سَائِرِ الْأَفْعَالِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمَشِيئَةِ وُجُودُ الْمُشَاءِ فَالْمَشِيئَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِمَضْمُونِ الْجَوَابِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ إِلَّا مَشِيئَةَ الْجَوَابِ وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْإِرَادَةُ مِثْلَهَا في اطراد حذف مَفْعُولِهَا ذَكَرَهُ الزَّمْلَكَانِيُّ وَالتَّنُوخِيُّ فِي الْأَقْصَى الْقَرِيبِ قَالُوا: وَإِذَا حُذِفَ بَعْدَ "لَوْ" فَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي جَوَابِهَا أَبَدًا وَأَوْرَدَ فِي عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ: {قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنْزَلَ مَلائِكَةً} فَإِنَّ الْمَعْنَى "لَوْ شَاءَ رَبُّنَا إِرْسَالَ الرُّسُلِ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً" لَأَنَّ الْمَعْنَى مُعِينٌ عَلَى ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَاهِرِ: مَا مِنِ اسْمٍ حُذِفَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْذَفَ فِيهَا إِلَّا وَحَذْفُهُ أَحْسَنُ مِنْ ذِكْرِهِ وَسَمَّى ابْنُ جِنِّي الْحَذْفَ شَجَاعَةَ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهُ يُشَجِّعُ عَلَى الْكَلَامِ.
قَاعِدَةٌ فِي حَذْفِ الْمَفْعُولِ اخْتِصَارًا وَاقْتِصَارًا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ جَرَتْ عَادَةُ النَّحْوِيِّينَ أَنْ يَقُولُوا بِحَذْفِ المفعولاختصارا وَاقْتِصَارًا وَيُرِيدُونَ بِالِاخْتِصَارِ الْحَذْفَ لِدَلِيلٍ وَيُرِيدُونَ بِالِاقْتِصَارِ الْحَذْفَ لِغَيْرِ دَلِيلٍ وَيُمَثِّلُونَهُ بِنَحْوِ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} أَيْ أَوْقِعُوا هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ يَعْنِي كَمَا قَالَ أَهْلُ الْبَيَانِ تَارَةً يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِالْإِعْلَامِ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ أَوْقَعَهُ وَمَنْ أُوقِعُ عَلَيْهِ فَيُجَاءُ بِمَصْدَرِهِ مُسْنَدًا إِلَى فِعْلِ كَوْنٍ عَامٍّ فَيُقَالُ حَصَلَ حَرِيقٌ أَوْ نَهْبٌ وَتَارَةً يَتَعَلَّقُ بِالْإِعْلَامِ بِمُجَرَّدِ إِيقَاعِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِمَا وَلَا يُذَكَرُ الْمَفْعُولُ وَلَا يُنْوَى إِذِ الْمَنْوِيُّ كَالثَّابِتِ وَلَا يُسَمَّى مَحْذُوفًا لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنَزَّلُ لِهَذَا الْقَصْدِ مَنْزِلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute