مَبْدَأً لَهُ فَإِنَّ كَانَتْ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ قُدِّرَتْ "أَقْرَأُ" أَوِ الْأَكْلِ قُدِّرَتْ "آكُلُ" وَعَلَى هَذَا أَهْلُ الْبَيَانِ قَاطِبَةً خِلَافًا لِقَوْلِ النُّحَاةِ إِنَّهُ يُقَدَّرُ "ابْتَدَأْتُ" أَوِ "ابْتِدَائِي" كَائِنٌ "بِسْمِ اللَّهِ" وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْأَوَّلِ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} وَفِي حَدِيثِ "بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي"
وَمِنْهَا الصِّنَاعَةُ النَّحْوِيَّةُ كَقَوْلِهِمْ في {لا أُقْسِمُ} : التَّقْدِيرُ "لَأَنَا أُقْسِمُ" لِأَنَّ فِعْلَ الْحَالِ لَا يُقَسَمُ عَلَيْهِ وَفِي: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ} التَّقْدِيرُ "لَا تَفْتَأُ" لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْجَوَابُ مُثَبَّتًا دَخَلْتِ اللَّامُ وَالنُّونُ كَقَوْلِهِ: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ} وَقَدْ تُوجِبُ الصِّنَاعَةُ التَّقْدِيرَ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِمْ فِي: {لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} : إِنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ أَيْ مَوْجُودٌ وَقَدْ أَنْكَرُهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَقَالَ: هَذَا الْكَلَامُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ وَتَقْدِيرُ النُّحَاةِ فَاسِدٌ لِأَنَّ نَفْيَ الْحَقِيقَةِ مُطْلَقَةً أَعَمُّ مِنْ نَفْيِهَا مُقَيَّدَةً فَإِنَّهَا إِذَا انْتَفَتْ مُطْلَقَةً كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى سَلْبِ الْمَاهِيَّةِ مَعَ الْقَيْدِ وَإِذَا انْتَفَتْ مُقَيَّدَةً بِقَيْدٍ مَخْصُوصٍ لَمْ يَلْزَمْ نَفْيُهَا مَعَ قَيْدٍ آخَرَ وَرُدَّ بِأَنَّ تَقْدِيرَهُمْ: "مَوْجُودٌ" يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ كُلِّ إِلَهٍ غَيْرَ اللَّهِ قَطْعًا فَإِنَّ الْعَدَمَ لَا كَلَامَ فِيهِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ نَفْيٌ لِلْحَقِيقَةِ مُطْلَقَةً لَا مُقَيَّدَةً ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ خَبَرٍ لِاسْتِحَالَةِ مُبْتَدَأٍ بِلَا خَبَرٍ ظَاهِرٍ أَوْ مُقَدَّرٍ وَإِنَّمَا يُقَدِّرُ النَّحْوِيُّ لِيُعْطِيَ الْقَوَاعِدَ حَقَّهَا وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مَفْهُوُمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute