قَاعِدَةٌ
الْأَصْلُ أَنْ يُقَدَّرَ الشَّيْءُ فِي مَكَانِهِ الْأَصْلِيِّ لِئَلَّا يُخَالِفَ الْأَصْلَ مِنْ وَجْهَيْنِ الْحَذْفُ وَوَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَيُقَدِّرُ الْمُفَسِّرُ فِي نَحْوِ "زَيْدًا رَأَيْتُهُ" مُقَدَّمًا عَلَيْهِ وَجَوَّزَ الْبَيَانِيُّونَ تَقْدِيرُهُ مُؤَخَّرًا عَنْهُ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ كَمَا قَالَهُ النُّحَاةُ وَإِذَا مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ نَحْوَ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} إِذْ لَا يَلِي "أَمَّا" فِعْلٌ.
يَنْبَغِي تَقْلِيلُ الْمُقَدَّرِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِتَقِلَّ مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ وَمِنْ ثَمَّ ضَعُفَ قَوْلُ الْفَارِسِيِّ فِي {وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} إِنَّ التَّقْدِيرَ "فَعِدَتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ" وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ "كَذَلِكَ" قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَلَا يُقَدَّرُ مِنَ الْمَحْذُوفَاتِ إِلَّا أَشَدُّهَا مُوَافَقَةً لِلْغَرَضِ وَأَفْصَحُهَا لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا يُقَدِّرُونَ إِلَّا مَا لَوْ لَفَظُوا بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَنْسَبَ لِذَلِكَ الكلام كما يفعلون في ذَلِكَ فِي الْمَلْفُوظِ بِهِ نَحْوِ: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ} قَدَّرَ أَبُو عَلِيٍّ "جَعَلَ اللَّهُ نُصُبَ الْكَعْبَةِ" وَقَدَّرَ غَيْرُهُ "حُرْمَةَ الْكَعْبَةِ" وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْحُرْمَةِ فِي الْهَدْيِ وَالْقَلَائِدِ وَالشَّهْرِ الْحَرَامِ لَا شَكَّ فِي فَصَاحَتِهِ وَتَقْدِيرُ النُّصُبِ فِيهَا بَعِيدٌ مِنَ الْفَصَاحَةِ قَالَ وَمَهْمَا تَرَدَّدَ الْمَحْذُوفُ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْأَحْسَنِ وَجَبَ تَقْدِيرُ الْأَحْسَنِ لِأَنَّ اللَّهَ وَصَفَ كِتَابَهُ بِأَنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ فَلْيَكُنْ مَحْذُوفُهُ أَحْسَنَ الْمَحْذُوفَاتِ كَمَا أَنَّ مَلْفُوظَهُ أَحْسَنُ الملفوظات قال وَمَتَى: تَرَدَّدَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُجْمَلًا أَوْ مُبَيِّنًا فَتَقْدِيرُ الْمُبَيِّنِ أَحْسَنُ نَحْوُ: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute