للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تقع علرض" بما أنزليك" {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} {إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ.}

النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يُسَمَّى بِالِاكْتِفَاءِ وَهُوَ أَنْ يَقْتَضِيَ الْمَقَامُ ذِكْرَ شَيْئَيْنِ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ وَارْتِبَاطٌ فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ لِنُكْتَةٍ وَيَخْتَصُّ غَالِبًا بِالِارْتِبَاطِ الْعَطْفِيِّ كَقَوْلِهِ: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أَيْ وَالْبَرْدَ وَخُصِّصَ الْحَرُّ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْعَرَبِ وَبِلَادُهُمْ حَارَةٌ وَالْوِقَايَةُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَرِّ أَهَمُّ لِأَنَّهُ أَشَدُّ عِنْدَهُمْ مِنَ الْبَرْدِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْبَرْدَ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الِامْتِنَانِ بِوِقَايَتِهِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} وَفِي قَوْلِهِ: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً} وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا النَّوْعِ {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} أَيْ وَالشَّرُّ وَإِنَّمَا خَصَّ الْخَيْرَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَطْلُوبُ الْعِبَادِ وَمَرْغُوبُهُمْ أَوْ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وُجُودًا فِي الْعَالَمِ أَوْ لِأَنَّ إِضَافَةَ الشَّرِّ إِلَى الله ليس من بابا الْآدَابِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ."

وَمِنْهَا {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أَيْ وَمَا تَحَرَّكَ وَخَصَّ السُّكُونَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ الْحَالَيْنِ عَلَى الْمَخْلُوقِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ وَلِأَنَّ كُلَّ مُتَحَرِّكٍ يَصِيرُ إِلَى السُّكُونِ.

وَمِنْهَا: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} أَيْ وَالشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاجِبٌ وَآثَرَ الْغَيْبَ لِأَنَّهُ أَمْدَحُ وَلِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِيمَانَ بِالشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>