{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} فَإِنَّ الْمُرَادَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَذْكَارِ غَيْرُ الْمُرَادِ بِالْآخَرِ:
فَالْأَوَّلُ: الذِّكْرُ فِي مُزْدَلِفَةٍ عِنْدَ الْوُقُوفِ بِقُزَحَ وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} إِشَارَةٌ إِلَى تَكَرُّرِهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ بِدَلِيلِ تَعْقِيبِهِ بِقَوْلِهِ: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ} وَالذِّكْرُ الثَّالِثُ إِشَارَةٌ إِلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالذِّكْرُ الْأَخِيرُ لِرَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
وَمِنْهُ تَكْرِيرُ حَرْفِ الْإِضْرَابِ فِي قَوْلِهِ: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} وَقَوْلُهُ: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} ثُمَّ قَالَ: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} فَكَرَّرَ الثَّانِي لِيَعُمَّ كُلَّ مُطَلَّقَةٍ فَإِنَّ الْآيَةَ الْأُولَى فِي الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمُسِيسِ خَاصَّةً وَقِيلَ لِأَنَّ الْأُولَى لَا تُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ وَلِهَذَا لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: إِنْ شِئْتُ أَحْسَنْتُ وَإِنْ شِئْتُ فَلَا فَنَزَلَتِ الثَّانِيَةُ أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ تَكْرِيرُ الْأَمْثَالِ كَقَوْلِهِ: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ}
وَكَذَلِكَ ضَرَبَ مَثَلَ الْمُنَافِقِينَ أَوَّلَ الْبَقَرَةِ بِالْمُسْتَوْقِدِ نَارًا ثُمَّ ضَرَبَهُ بِأَصْحَابِ الصَّيِّبِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالثَّانِي أَبْلَغُ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى فَرْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute