لَتُوِهِّمَ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنِ اتِّخَاذِ جِنْسَيْنِ آلِهَةً وَإِنْ جَازَ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ عَدَدٌ آلهة ولهذا أكد بالوحدة قَوْلُهُ: {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}
وَمِثْلُهُ: {فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} عَلَى قِرَاءَةِ تَنْوِينِ "كَلٍّ" وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ تَعَدُّدِ النَّفْخَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ قَدْ تَدُلُّ عَلَى الْكَثْرَةِ بِدَلِيلِ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} فَإِنَّ لَفْظَ "كَانَتَا" تُفِيدُ التَّثْنِيَةَ فَتَفْسِيرُهُ بِاثْنَتَيْنِ لَمْ يُفِدْ زِيَادَةً عَلَيْهِ
وَقَدْ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْأَخْفَشُ وَالْفَارِسِيُّ: بِأَنَّهُ أَفَادَ الْعَدَدَ الْمَحْضَ مُجَرَّدًا عَنِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: "فَإِنْ كَانَتَا صَغِيرَتَيْنِ أَوْ كَبِيرَتَيْنِ أَوْ صَالِحَتَيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ" فَلَمَّا قَالَ "اثْنَتَيْنِ" أَفْهَمَ أَنَّ فَرْضَ الثِّنْتَيْنِ تَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِمَا ثِنْتَيْنِ فَقَطْ وَهِيَ فَائِدَةٌ لَا تَحْصُلُ مِنْ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى وَقِيلَ أَرَادَ: "فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا" فَعَبَّرَ بِالْأَدْنَى عَنْهُ وَعَمَّا فَوْقَهُ اكْتِفَاءً وَنَظِيرُهُ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} والأحسن أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الشَّهِيدَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ
وَمِنَ الصِّفَاتِ الْمُؤَكِّدَةِ قَوْلُهُ: {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} فَقَوْلُهُ: "يَطِيرُ" لِتَأْكِيدِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّائِرِ حَقِيقَتُهُ فَقَدْ يُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute