للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: ٢٢] وقال تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٢٩]. بل جعل الشرك في حقه أكبر الكبائر وأظلم الظلم. فقال جلّ شأنه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣].

هذه هي مهمة الرسل التي يقومون بالدعوة إليها، ثم بعد ذلك تبليغ الشريعة التي يوحي الله بها إليهم، لكي يبلَّغوها إلى أقوامهم، حتى يكونوا على بيِّنة مِن أمرِهم.

وعلى الرسل مهام أخرى كلّفهم الله بها من التربية والسلوك اللذين هما الطريق الوحيد الذي من خلاله يستطيع الرسل إنقاذ المجتمعات من جاهليتها، وهنا لابد من بذل الجهد الطويل المتواصل حتى يستطيع أن يلبس هذا المجتمع ثوبًا جديدًا تملؤه مقومات الشريعة الإِسلامية، بعد أن كان غارقًا في متاهات وضلالات.

والرسل عليهم الصلاة والسلام بهذا يكونون القدوة الحسنة لأقوامهم لأن الله سبحانه وتعالى لا يرسل رسولًا إلى قومه إلا بعد اصطفاء واختيار، ويكون من عِلية القوم من حيث الحسب والنسب والشرف.

ونرى هذا الاختيار والاصطفاء موجودًا في جميع الرسل الذين أرسلهم الله عَزَّ وَجَلَّ، ونرى مصداق هذا في نبينا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فكان يتصف بالخلق الحسن، حينما سئلت عائشة (١) رضي الله عنها قالت: "كان خلقه القرآن" (٢). وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤].


(١) عائشة: هي بنت الصدّيق أبي بكر، أم المؤمنين تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة بسنتين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين، كنّاها بأم عبد الله، وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض، وكانت من أفقه الناس، روت الكثير من الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عمرها عندما توفي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثماني عشرة سنة، توفيت سنة ٥٨ أو ٥٧ هـ، رضي الله عنها. انظر (أسد الغابة في معرفة الصحابة ج ٥ ص ٥٠١ ابن الأثير).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب ١٨ ج ١ ص ٥١٣.

<<  <   >  >>